بقلم - د. محمود خليل
أقصد بالجيل الأخير الجيل X «إكس»، الذى وُلد خلال الفترة الممتدة من أوائل الستينات حتى أوائل الثمانينات.. وأعمار أفراد هذا الجيل حالياً تتراوح ما بين الأربعين وما فوقها إلى الستين وما بعدها.
قماشة هذا الجيل إذن عريضة، ولكنَّ هناك مجموعة من السمات المميزة التى تجمع بين أفراده -كجيل أخير- عاصر العديد من الظواهر التى تنظر إليها الأجيال التالية على أنها جزء من التاريخ أو الماضى الجميل.
هذا الجيل آخر من عاصر المطربين الكبار: أم كلثوم، وعبدالحليم، وفريد الأطرش، وذلك فى أواخر تجاربهم، وعاصر المطربات الكبار: شادية، وفايزة، ووردة، فى أواسط تجاربهن، وعلى الحجار، ومحمد الحلو، وعمرو دياب، فى البدايات.
وهو آخر من عاصر الحروب الكبرى التى شهدتها مصر والمنطقة العربية ككل مثل: حرب يونيو 1967، وحرب أكتوبر 1973، ثم الحرب الأهلية اللبنانية، ثم حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، وحرب الخليج الثانية (حرب غزو ثم تحرير الكويت)، وحرب الخليج الثالثة (الغزو الأمريكى للعراق 2003).
وهو آخر من عاصر كبار الزعماء المحليين، حيث أدرك الرئيس جمال عبدالناصر فى طفولته المبكرة، ثم عاش طفولته المتأخرة وبدايات المراهقة فى عصر الزعيم الراحل محمد أنور السادات.
وهو آخر من عاصر كبار الزعماء العالميين، مثل الرئيس نيكسون ووزير خارجيته هنرى كيسنجر، والرئيس الروسى خروشوف ثم بريجنيف، بالإضافة إلى كبار الزعماء فى المنطقة مثل الملك فيصل، والرئيس بن بيلا والرئيس هوارى بومدين رئيسى الجزائر، والملك الحسن ملك المغرب وغيرهم.
وهو آخر من عاصر البيضة أُم تعريفة، وكيلو السكر والأرز أبوتلاتة صاغ، وكيلو اللحمة بـ68 قرشاً، والفرخة بـ25 قرشاً.. وآخر من عرف «العيش الرجوع» و«الرغيف الملدن»، والمصروفات الدراسية التى كانت 25 قرشاً، والمدرسة التى توزع الكتب والكراسات -حتى كراسة الرسم- بالمجان.
وهو آخر جيل عرف زفة الحصول على الثلاجة والبوتوجاز والتليفون الأرضى، بعد انتظار طويل يمتد إلى عدة سنوات، حين كان كل شىء بالحجز.
كان الحصول على الأشياء صعباً ويأتى بعد إرهاق، لتصحبه -فى المقابل- سعادة كبيرة، تستحق «الزفة».وهو آخر جيل عرف تكنولوجيا العصر -الكمبيوتر- منذ طفولتها وحتى تسيدها لكافة جوانب الحياة، فسمع ثم عرف عن الحاسب الشخصى، ثم الديسك توب المنزلى، ثم اللاب توب، ورحلة الإنترنت بدأت معه بالمودم الذى يتصل بكارت كمبيوتر، ثم عرف الويرليس ومنه إلى الإنترنت، بما أحدثته من تحولات.
وقد تقلب أيضاً على رحلة تطور التليفونات بدءاً من التليفون الأرضى مقطوع الحرارة، حتى التليفون المحمول، الذى عرفه عبر أجهزة مجهولة الهوية فى البداية، ومنها إلى جيل النوكيا، ثم جيل الآيفون.
الجيل إكس حالياً هو الجيل الوحيد الذى تنطبق عليه النظرية الدائرية التى تقول إن الإنسان يبدأ رحلته فى الحياة من نقطة معينة، ويظل يدور بعدها فى حلقة مفرغة، حتى يعود إلى نقطة البداية.. إنه آخر جيل سمع فى طفولته الحقيقة التى كتبها «نزار قبانى» وغناها عبدالحليم حافظ، تلك التى تقول: «لو أنى أعرف خاتمتى.. ما كنت بدأت».. فما أكثر ما يكرر فى الخواتيم هذه الحقيقة التى عرفها، ثم تجاهلها.