«قبل أن يقتلنا اللاشيء»

«قبل أن يقتلنا اللاشيء»

«قبل أن يقتلنا اللاشيء»

 العرب اليوم -

«قبل أن يقتلنا اللاشيء»

بقلم - د. محمود خليل

فارق كبير بين البحث عن المعنى والبحث عن العبث.كتب نجيب محفوظ فى رواية «ثرثرة فوق النيل» عبارة نافذة تصف حال المجتمعات التى تسقط فى بئر العبث، يقول فيها: «فيا أى شىء افعل أى شىء قبل أن يقتلنا اللاشىء».

«قبل أن يقتلنا اللاشىء».. لقد أراد الكاتب الكبير أن يعبر عن الحالة التى وصل إليها المجتمع بعد نكسة 1967، فوظف هذه العبارة.. فالعبث (أو اللاشىء) قادر على قتل أى شىء، وأخطر ما يقتله هو المعنى.قبل الوصول إلى محنة 67 ترددت فى أوساطنا كلمات وعبارات وأفكار كانت معدومة العافية على مستوى المعنى، من ذلك النوع العبثى الذى لا يقبله عقل ولا يقره منطق..

تصريحات سياسية عديدة عبثية حملتها مانيشتات الصحف عن القفزات الحضارية التى يشهدها المجتمع فى شتى المجالات، عن التحولات الجذرية التى تحيل الصحراء إلى خضار، والرمال إلى معمار، والأمية إلى تعليم، والمرض إلى صحة وعافية..

أغانٍ تطنطن بكلام مرصوص فى الحب والوطنية والنماء، يحلق بعيداً عن الواقع، ويكتفى بمجرد رص الكلام الذى يحمل صوتاً أكثر مما يحمل معنى.كان لدينا بقية من عقل فى تلك الحقبة، لكنها لم تستطع أن تقف أمام طوفان العبث الذى اجتاح المجتمع بعد النكسة، ولم يخفف من أثر العبثية الانتصار الذى حققناه فى «أكتوبر»، حين استعدنا كرامتنا الوطنية، فقد سقطنا حينها فى نكسة اقتصادية عاتية، وبدأنا حصاد آثار القرارات العبثية والأفكار العابثة التى زرعناها على مدار سنين متصلة.فى ذلك الزمان ظهرت أصوات حاولت مواجهة طوفان العبثية عن طريق الانتصار للمعنى وللتفكير العقلانى المرتكز الذى يحاول الكشف عن أمراض العبثية ويجتهد فى علاجها.

كان أكثر ما يشغل هذه الأصوات هو الوصول إلى حقيقة بعد زمن قضيناه فى التمثيل، وإلى واقع بعد أعوام همنا فيها فى الخيال.

بإمكانك أن تجد ذلك شاخصاً فى تجربة شاعر كبير مثل صلاح جاهين، حين عاش لحظة مواجهة مع الذات ومع الآخرين، فكر فيها كثيراً، وخلص إلى حقيقة كانت واضحة وضوح الشمس، فصرخ فيمن حوله: «لقد ضحكنا على الناس»، قالها لأقرب المقربين إليه، وإلى من كان يعنيهم أن يكتب وينتج شعراً وأغانى، أعلن أمام الجميع أنه توقف عن الكتابة.المطالع لرباعيات «صلاح جاهين» يلاحظ أجواء الحزن والشجن التى سيطرت عليها، والمزاج الفلسفى الذى تنطق به أبياتها، وقد كتبها «جاهين» على فترات متقطعة منذ أواخر الخمسينات، وكتب آخر 5 رباعيات منها بعد النكسة عام 1968 بمناسبة مظاهرات الطلبة، وأظن أن الرباعية التالية تعد واحدة منها: «بين موت وموت وبين النيران والنيران.. ع الحبل ماشيين الشجاع والجبان.. عجبى على دى حياة ويا للعجب.. إزاى أنا -يا تخين- بقيت بهلوان.. عجبى».إنها رباعية تنطق بالإدانة للذات وجلدها بعنف، بعد أن تحول الشاعر عن وظيفته التنويرية، وصار بهلواناً.. وهو ذات المعنى الذى استدعاه فيما بعد نزار قبانى وهو يرثى طه حسين عام 1973 حين حاوره قائلاً: «عد إلينا فإن عصرك عصر ذهبى.. ونحن عصر ثان.. سقط الفكر فى النفاق السياسى.. وصار الأديب كالبهلوان».لقد كانت صحوة عنيفة ضد العبث ومحاولة لاستعادة المعنى وغرسه فى رحم حياتنا.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قبل أن يقتلنا اللاشيء» «قبل أن يقتلنا اللاشيء»



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 08:55 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab