ماذا تفعل «ميمي»

ماذا تفعل «ميمي»؟

ماذا تفعل «ميمي»؟

 العرب اليوم -

ماذا تفعل «ميمي»

بقلم - د. محمود خليل

فى مسرحية «لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص» للمبدع إحسان عبدالقدوس، رحمه الله، تقرر الراقصة «ميمى» التوقف فجأة عن الرقص، تهرب من كازينو «الفردوس الأخضر» الذى ترقص فيه، وتقرر أن تقف لحظة تفكير مع نفسها، إنها إنسانة وليست آلة.. الآلة وحدها هى التى ترقص بالأمر.. ارقصى أيتها الآلة ترقص.. توقفى عن الرقص تقف.. رفضت «ميمى» فجأة أن تعيش كآلة تعمل بالأمر.

تنبهت «ميمى» إلى أن الكل يريد رقصها.. إلا هى.. الكل يُرغّبها أو يُرهّبها.. ملّاك الذهب يمنونها بالمال ويطلبون منها الرقص.. وعندما يعطونها لا يمنحونها إلا الفتات الذى يحتفظ بها على قيد الحياة، ويصون لها لياقتها التى تساعدها على المزيد من الرقص.. وملّاك الماضى يغرونها بأن تكون جزءاً من ميراث الحضارة، لكنها لا تستطيع أن تتحرك راقصة إلى الخلف لا بد أن ترقص إلى الأمام.. أما ملّاك القوة فيهددونها إذا لم ترقص فسوف يسحقونها بأقدامهم، وعندما تتململ يطلبون منها أن ترقص بحرية، وأن تطلق ساقيها وذراعيها فى الهواء لتملأ كل جزئية فراغ فيه، لكنهم يحذرونها من التمدد «زيادة عن اللازم» وإلّا.

صرخت «ميمى» فى وجه الجميع: «مش قادرة.. مش قادرة.. واحد فيكم بيرقّص جسمى.. والتانى بيرقّص عقلى.. مش ممكن أعيش وجسمى فى حتة، وعقلى فى حتة تانية، مش ممكن.. لا العقل بقى عقلى.. ولا الجسم بقى جسمى.. أنا غلبانة.. حيرانة.. تعبانة».

الكل يريد من «ميمى» المرهقة أن ترقص فقط، ويتعجب حين تتوقف للحظات كى تفكر.. لا أحد يريد منها التفكير، إنهم يضطربون أشد الاضطراب عندما يجدونها تتوقف لتستخدم عقلها وتفكر فى حالها.. هم لا يريدون منها سوى إبداع جسدها فى الرقص على إيقاع «الطبال» الذى جعل من نفسه وصياً عليها، فهو الذى يأمرها بالرقص حين يرن على طبلته، ويجعلها تتوقف حين ينزع أصابعه عنها.. وهو المسئول الأول عن تقديمها إلى الزبائن من أصحاب القوة، أو المال، أو الجِمال، أو حتى من المثقفين الغارقين فى الأفكار والكتب، ويأخذهم الشوق فى لحظات إلى كازينو «الفردوس الأخضر» ليشاهدوا رقص «ميمى»، وهى تتمايل على أنغام الأفكار القديمة أو الجديدة، أو على كليهما، فمن يرقص لا يستطيع أن يفكر.

تفقد «ميمى» ذراعها فى حادثة إطلاق رصاص، يأتيها المثقف الراقص كى يصبّرها على بلواها، يعطيها كتاباً يشرح لها كيف ستعوض عنها، تصرخ فى وجهه قائلة: «أنا مش عايزة كتاب.. مش عايزة كلام.. عايزة دراعى اللى راح.. عايزة دمى اللى نزفوه.. عايزة أعيش.. أنا بموت».. ينصحها صديقها المثقف بأن ترقص.. ويخبرها أنهم أطلقوا عليها الرصاص، لأنها توقفت عن الرقص «الرقص يعنى أكل المخ.. وانتى مأكلتيش مخهم».

مستقبل «ميمى» بعد أن فقدت ذراعها يصبح غامضاً: هل تستعين بمن حولها لتثأر لنفسها ممن أكل ذراعها، أم تعود من جديد إلى كازينو «الفردوس الأخضر» وتحاول أن تبتكر رقصة جديدة تعتمد على ذراع واحدة.. ماذا تفعل «ميمى» يا سادة؟

arabstoday

GMT 02:48 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

إنهاء الهيمنة الحوثية

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الإنسانية ليست استنسابية

GMT 02:42 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

معركة استقرار الأردن

GMT 02:39 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الشرق الأوسط والاستثمار في منطق الدولة

GMT 02:37 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

قصة الكنز العظيم (1)

GMT 02:33 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

شخصية مصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا تفعل «ميمي» ماذا تفعل «ميمي»



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab