مقابلة خاصة مع «ابن نوح»

مقابلة خاصة مع «ابن نوح»

مقابلة خاصة مع «ابن نوح»

 العرب اليوم -

مقابلة خاصة مع «ابن نوح»

بقلم - د. محمود خليل

مقابلة خاصة مع «ابن نوح» عنوان قصيدة عبقرية كتبها الشاعر الراحل «أمل دنقل»، رحمه الله. والقصيدة لا تحمل تمجيداً لابن نوح قدر ما تعبر عن الاحتفاء بفكرة رفض التخلى عن الوطن الغارق، وامتطاء ظهر سفينة النجاة، والإبحار بعيداً عنه. فابن نوح هنا يعبر عن شخصية تمسكت بالبقاء فى الوطن الغارق، وأبت أن تركب السفينة مع من نهبوه وابتلعوا خيره، وحين حلت اللعنة وسادت المحنة هربوا منه.. يقول الشاعر: «صاح بى سيد الفلك قبل حلول السكينة: انج من بلد لم تعد فيه روح.. قلت: طوبى لمن طعموا خبزه فى الزمان الحسن.. وأداروا له الظهر يوم المحن.. ولنا المجد نحن الذين وقفنا وقد طمس الله أسماءنا.. نتحدى الدمار.. ونأوى إلى جبل لا يموت.. يسمونه الشعب.. نأبى الفرار ونأبى النزوح».

الوقفة المطولة التى وقفها القرآن الكريم أمام «ابن نوح»، والمشهد الساحر الذى رسمه وهو يصف لهفة نوح الأب على ولده العاصى له والكافر برسالته، ورد الابن عليه مثّل مصدر إلهام للمبدعين والمتأملين.. يقول الله تعالى: «وَهِيَ تَجْرِى بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَىَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ». ما أبدع اللغة التى صور بها الخالق العظيم نبيَّه «نوحاً» وهو يقف فوق ظهر السفينة، يعصر عينيه بحثاً عن ولده، بين الأمواج العاتية التى تعالت حتى صارت مثل الجبال، يلمحه فى النهاية وهو يقف منفرداً، فيناديه ويدعوه إلى الركوب وامتطاء ظهر سفينة النجاة، والابن يأبى ويقول له إنه سيأوى إلى جبل يحميه من الغرق، فيرد الأب أنه لا نجاة على الأرض، مهما كانت الأسباب التى يتخذها الفرد للنجاة، لا نجاة فى هذه اللحظة إلا على ظهر السفينة. وظل الأب ينادى والابن يأبى حتى طمره الماء فأغرقه.

كان «نوح» نبياً، ووصفه المولى عز وجل بالعبد الشكور، لكنه كان أباً يشفق على ولده، ويتمنى له النجاة، ويشق على نفسه أن يراه كافراً وهدفاً لعقاب الله مع الكافرين، رأى أن ابنه من أهله، وقد وعده الله أن ينجيه وأهله.. يقول الله تعالى: «وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ»، لكن الخالق العظيم نبهه إلى أن الأهلية أساسها الإيمان والعمل الصالح، فالإيمان والعمل الصالح هما الوشيجة التى تربط ما بين البشر، وليس الرباط البيولوجى، وابن نوح تمرد على خالقه فكفر ولم يعمل صالحاً، وبالتالى انقطعت الصلة بينه وبين أبيه. يقول الله تعالى: «قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ». تنبَّه «نوح» إلى الأمر فناجى ربه قائلاً: «قَالَ رَبِّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ».

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقابلة خاصة مع «ابن نوح» مقابلة خاصة مع «ابن نوح»



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab