القرية الظالمة

القرية الظالمة

القرية الظالمة

 العرب اليوم -

القرية الظالمة

بقلم - د. محمود خليل

للظلم فى القرآن الكريم معنيان: الأول هو ظلم الإنسان لنفسه: «قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا»، والثانى ظلم الإنسان لغيره: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا».

والقرية الظالمة ببساطة هى القرية الخربة، فالظلم يؤدى إلى خراب الحياة، ولعلك تذكر مقولة «ابن خلدون»: العدل أساس العمران.

فى البدء كانت كل القرى آمنة مطمئنة، لكن تغيّرات طرأت على أوضاعها فحولتها من حال الاطمئنان إلى حال الظلم والظلامية، ورحلة التحول تبدأ دائماً بالتعتيم وتنتهى بالتدمير.

ولعلك تعرف أن كلمة «الكفر» معناها الستر «فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ».

فالقرية التى كانت مستقرة وتنعم بالرزق الرغيد لم تُحسن استعمال أو استثمار ما حباها الله، ولم تعطِ منه لغيرها، شكراً لنعمة الله عليها، بعبارة أخرى لجأت إلى التستر والإنكار أو التعتيم على أسباب اطمئنانها ومصادر عزّها وجاهها، وسادها الكذب وباتت الحقيقة فيها عملة نادرة، فتبدّلت أحوالها.

تحول العيش الرغيد إلى شظف وحرمان، وبات لأتفه الأشياء قيمة وسعراً، وتعقّدت سُبل الحياة، واستحال الاطمئنان المستقر إلى خوف، ولا يقتل المجتمعات شىء مثلما يقتلها الخوف، الخوف على الحاضر، والخوف من المستقبل، ولا يوجد ما هو أقدر على هدّ حياة الإنسان من الحرمان.

وقد رسم الله تعالى فى القرآن الكريم خريطة التجمّعات البشرية داخل القرى الظالمة، وهم يتوزّعون فى العادة على ثلاثة أطياف، الطيف الأول: طيف الظالمين، والثانى: طيف المستضعفين، والثالث: طيف النخبة القادرة على التغيير.

يقول الله تعالى: «وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا».

فأصل الظلم هو ابتلاع حقوق الآخرين، وهو يرتبط بفئة لا ترى غضاضة فى أن تنهب حقوق غيرها، وتبتلع ما ليس لها بحق، وتبخس الناس أشياءها، مستعينة فى ذلك بما تملكه من أدوات قوة وسيطرة على الواقع، وهى توجّه ظلمها إلى المستضعفين، الذين يشكلون الأغلبية داخل المجتمعات المختلفة، إنهم طوابير طويلة عريضة من الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، أو حماية حقوقهم التى تُسلب منهم أمام أعينهم، دون أن يغيثهم أحد من أفراد الطيف الثالث، الذى يجمع الأفراد القادرين على المواجهة وإعادة الأمور إلى نصابها، وجوهر عملها يرتبط بكشف الحقيقة وتعرية أحوال الكذب التى يعيشها أهل القرية الظالمة.

لا يصل أى تجمع بشرى إلى هذه الحالة إلا بعد مقدّمات وتراكمات لا بد أن تفضى بالضرورة إلى هذه النتيجة. المقدمات تزرعها فى الأرض أيدى الناس بالكذب، والتستر، والشّح، والنمردة، والتعالى، والتجبّر، وغيرها من سمات يصح أن تجتمع كلها تحت عنوان «الفساد»، فتكون النتيجة جوع وخوف.

يقول الله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرية الظالمة القرية الظالمة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab