الأنفار والسمسار

الأنفار.. والسمسار

الأنفار.. والسمسار

 العرب اليوم -

الأنفار والسمسار

بقلم - محمود خليل

 

توقف الدكتور سيد عويس فى مذكراته أمام «رجال السُلطة»، وهو يحكى عن أوجاع مصر خلال الأزمة المالية التى أنشبت مخالبها فى البلاد وفى العالم خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضى. والسلطة هنا هى سلطة الاحتلال الإنجليزى، أما الرجال فهم هؤلاء الذين رضوا العمل فى خدمة الإنجليز وقواتهم، سواء داخل مصر أو خارجها.

كان وصف «الأنفار» هو الوصف المستخدم فى نعت من يقع عليهم الاختيار للعمل فى كنف السلطة الإنجليزية، ومن يتولى جمعهم بالطبع سمسار ذو قيمة ومقام، إذا أخذنا فى الاعتبار أن مقام العبد من مقام سيده.

وقد قدم الدكتور «سيد عويس» نموذجاً لواحد من هؤلاء السماسرة من خلال شخصية «إسماعيل عمران»، أحد أعيان قسم الخليفة -حيث عاش الكاتب الراحل- وكان مسئولاً عن تجنيد الشباب الذين يريدون العمل مع السلطة، وكان الواحد منهم يوقع استمارة التجنيد نظير مبلغ معين يأخذه «عمران»، الذى كان يأخذ من الجيش الإنجليزى أيضاً معلوماً عن كل نفر مجند.

ولم تكن مهمة هذا السمسار تتوقف عند هذا الحد، بل كثيراً ما كان يذهب إلى الأنفار فى مواقع عملهم داخل أو خارج مصر، ويلقى فيهم خطبه الحماسية العصماء التى تحفزهم على العمل فى خدمة السلطة!.. أما الأنفار أنفسهم فكانوا يذهبون مع الإنجليز «لابسين ملابس جنودهم» إلى الشام وأوروبا، وجميع المواقع الأخرى التى يتحرك إليها جنود الاحتلال.

ربح «الأنفار» كثيراً من العمل مع السلطة، ولم تكن المكاسب تتوقف عند فترة العمل وما يقبضه النفر، بل كانت تتواصل بعد ترك العمل، وذلك من خلال «التعويضات»، فأى نفر أصيب بمرض خلال فترة عمله مع الإنجليز كان يتقدم بطلب للعرض على لجنة، إذا أثبتت صدق شكواه نال تعويضاً مالياً مناسباً. يحكى «سيد عويس» أن النفر الذى قبض تعويضاً كان يسلك إحدى وجهتين؛ إما وجهة التجارة، أو وجهة الكيوف.

بعض الأنفار وجهوا التعويضات إلى شراء دكاكين أو افتتاح محال تجارية والعمل فيها، وهؤلاء كان حظهم عاثراً، حين صادفت تجاربهم التجارية الأزمة المالية العالمية، فـ«دلقوا فلوسهم على الأرض» فى بضاعة كانت تركد ولا تجد من يشتريها. وفى سياق حالة الضياع العام اتجه قسم من الأنفار من حائزى التعويضات إلى إنفاقها على الكيوف، من حشيش وكوكايين، وكان الشمامون يظهرون لأول مرة على مسرح الحياة فى مصر.

لم يكن لمال السلطة أثر إيجابى على الأنفار الذين انخرطوا فى العمل مع الإنجليز خلال الأزمة المالية العالمية، فأوضاع الاقتصاد حين تسوء تؤدى إلى شح المال لدى الغالبية، وإلى طيران المال من أيدى القلة التى تملكه.

وقد خسر الكثيرون المال الذى ربحوه من الخواجات خلال الأزمة الاقتصادية فى الثلاثينات، وربما كان هؤلاء أسعد حظاً من زملائهم الذين ماتوا فى الغربة، وهم يعملون -مع الإنجليز- خارج مصر، ودفنوا بعيداً عن التراب الذى أنبتهم.

فى أوقات الأزمات تبقى الخسارة قدر الجميع.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأنفار والسمسار الأنفار والسمسار



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab