«آدم» يبحث عن «حواء»

«آدم» يبحث عن «حواء»

«آدم» يبحث عن «حواء»

 العرب اليوم -

«آدم» يبحث عن «حواء»

بقلم - محمود خليل

 

نزل آدم إلى الأرض بعد أن عاقبه الله تعالى على خطيئته، حين أضله الشيطان وجعله يأكل من الشجرة التى نهاه الله عنها. وكذلك حواء شريكته فى الخطيئة. وشاءت إرادة الله تعالى أن يمضى كل منهما فى طريق، ليخوضا رحلة التيه، ويشرع آدم فى البحث عن نصفه الآخر، المرأة التى خرجت من ضلعه. يجوب الأماكن كما تحكى كتب التراث من الهند حتى جدة، باحثاً عن حواء. يقول ابن الأثير فى كتابه «الكامل فى التاريخ»: «إن الله تعالى أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذى خلقه فيه، وهو يوم الجمعة، مع زوجته حوّاء من السماء، فقال علىّ وابن عباس وقتادة وأبوالعالية: إنّه أهبط بالهند على جبل يقال له نود من أرض سرنديب، وحواء بجدّة، قال ابن عباس: فجاء فى طلبها، فكان كلّما وضع قدمه بموضع صار قرية، وتعارفا بعرفات، فلذلك سميت عرفات، واجتمعا بجمع، فلذلك سميت جمعاً، وأهبطت الحيّة بأصفهان، وإبليس بميسان».

تبدو القصة السابقة موغلة فى الخيال، وأقرب إلى الأسطورة من أولها إلى آخرها، لكنها تحمل رمزية خاصة يؤكدها واقع حياة البشر. فرحلة التيه لم تزل الملمح الأهم فى حواديت العلاقة بين بنى آدم وبنات حواء. فكلاهما يخوض رحلة بحث منذ أن يستوعبا الحياة من حولهما عن الآخر حتى يشاء الله باللقاء. رحلة البحث عن «النصف الآخر» هى أطول رحلة يخوضها بنو آدم وبنات حواء، فى تكرار للمشهد الخالد الذى أخذ فيه «آدم» يبحث عن «نصفه الآخر» بعد الطرد من الجنة. يقول بعض كتاب التراث إن «آدم» ظل يبحث عن «حواء» أربعين سنة كاملة حتى أدركته رحمة الله ووجدها هناك فى «عرفات»، كما يحكى «ابن الأثير»، لذا كان من الطبيعى أن يوصف «عرفات» بـ«جبل الرحمة». أراد الله تعالى أن يجعل ذلك اللقاء الخالد «لقاء رحمة»، بسبب وعيد الشقاء الذى توعد به آدم إذا عصاه وأكل من الشجرة التى نهاه عنها.

عاش آدم على الأرض مؤرقاً بالحنين إلى الراحة، كل لحظة شقاء، أو انكسار أو انهزام تذكره بذاك الحنين، وذلك الشوق الذى لا ينقضى بالعودة إلى هناك، حيث الحياة المتدفّقة السلسة الممتعة. ولست أجد أكثر عبقرية من الوصف الذى قدّمه المبدع الكبير نجيب محفوظ، وهو يحكى قصة «أدهم»، ضمن حكايات «أولاد حارتنا»، يقول «نجيب»: كان أدهم يقول لنفسه وهو يعيش فى حديقة البيت الكبير: «الحديقة وسكانها المغردون والماء والسماء ونفسى النشوى، هذه هى الحياة الحقة، كأننى أجد فى البحث عن شىء. ما هذا الشىء؟ الناى أحياناً يكاد يجيب». ولما طرده «الجبلاوى» من البيت الكبير، وتركه فى العراء وتحول إلى «بائع خيار» كى يعيش، حدث ذات يوم أن نعس من التعب أسفل شجرة، بعد أن تشقّقت قدماه من السير وهو يجر العربة، فانتهز مجموعة من الأطفال فرصة نومه، وقلبوا له العربة، فاستيقظ من نومه مفزوعاً وهو يسب ويلعن، ثم انكب على الأرض يجمع البضاعة، وراح يقول بتأثر وانفعال مخاطباً «الجبلاوى»: «لماذا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة؟ لماذا كان كبرياؤك أحب إليك من لحمك ودمك؟ وكيف تنعم بالحياة الرغيدة وأنت تعلم أننا نُداس بالأقدام كالحشرات؟ والعفو واللين والتسامح ما شأنها فى بيتك الكبير أيها الجبار؟».

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«آدم» يبحث عن «حواء» «آدم» يبحث عن «حواء»



الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:12 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

البابا لاوون الرابع عشر يدعو اللبنانيين إلى الأمل والوحدة
 العرب اليوم - البابا لاوون الرابع عشر يدعو اللبنانيين إلى الأمل والوحدة

GMT 18:43 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية
 العرب اليوم - بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية

GMT 00:24 2025 الأربعاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم
 العرب اليوم - ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم

GMT 23:05 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع
 العرب اليوم - علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع

GMT 06:00 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم

GMT 08:03 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة إلى عالم الألوان اكتشف روعة الشفق القطبي في النرويج

GMT 07:41 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان الكاب لإطلالة تمنح حضوراً آسراً في السهرات

GMT 07:53 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

موسم الرياض 2025 يتخطى حاجز خمسة ملايين زائر منذ انطلاقه

GMT 07:33 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حصيلة فيضانات إندونيسيا تصل لـ631 قتيلاً والمفقودون 470

GMT 12:57 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

دونالد ترمب سيحضر قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن

GMT 18:40 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يناقش ميزانية عام 2026 يوم الثلاثاء

GMT 07:29 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

نظام غذائي جديد ينافس "المتوسطي" في إنقاص الوزن

GMT 00:04 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وروسيا تعلنان إعفاء التأشيرات المتبادل

GMT 06:03 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ترمب وتهمة الجهل السياسي

GMT 09:45 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 09:57 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

دولة أكثر من فاسدة !

GMT 09:30 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مهرجان الموسيقى العربية يقهر «ذاكرة الأسماك»

GMT 09:38 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 09:48 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5 1 درجات يضرب ولاية ألاسكا الأمريكية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab