«كده وكده»

«كده وكده»

«كده وكده»

 العرب اليوم -

«كده وكده»

بقلم - د. محمود خليل

زمان -فى السبعينات على وجه التقريب- ظهرت أغنية شهيرة لأحمد عدوية بعنوان: «تمثيلية» يقول فيها: «تمثيلية.. الحب عندك تمثيلية.. لا يا سلطان الليالى.. حبى موش لعب وتسالى».

لم يكن «الحب» وحده هو الذى تحول إلى تمثيلية، بل تمدد التمثيل إلى مجالات أخرى، من بينها السياسة والحرب.

قد تفاجأ إذا قلت لك إن أول من واجه نفسه ونظام حكمه وشعبه بهذه الحقيقة هو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

المطالع لمحضر اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بقصر القبة يوم 20 يونيو 1967، برئاسة جمال عبدالناصر، وهو أول اجتماع بعد نكسة يونيو 1967 يقرأ جملة نافذة وردت على لسان الرئيس -رحمه الله- وهو يصف الأسباب التى أدت إلى النكسة، يقول فيها: «إحنا كنا فى تمثيلية موش حقيقة».. وقد تستوقفه جملة أخرى جاءت على لسان عبدالمحسن أبوالنور يقول فيها: «ما يؤخذ علينا أن كلامنا كان أكبر من عملنا».

لم تتوقف المسألة عند الحب والسياسة والحرب، بل شملت كافة مجالات الحياة، فأصبح شعار «كله بيمثل على كله» يحكم كل جوانب الحياة، وكأننا لا نريد القيام بأى عمل حقيقى، وقد تواصلت معنا هذه الآفة عند الانتقال من العقود الأخيرة من القرن العشرين إلى العقود الأولى من القرن الحادى والعشرين.

التعليم بات تمثيلية، يؤدى فيها المعلم دور الأستاذ، والطفل أو المراهق دور التلميذ، يدخل التلامذة الفصول ومن ورائهم الأستاذ، الطرفان فى حالة ضجر وملل من بعضهما البعض، وهو ضجر متصل لا يرتبط بلحظة، بل متواصل طول الوقت، يمثل المعلم أنه يدرس، والتلميذ أنه يسمع دون محتوى حقيقى، والنتيجة صفر، رغم نجاح الطلبة.أكبر مهنة تحقق أرباحاً فى مصر هى التمثيل، ولست أقصد هنا التمثيل داخل مربع الفن، بل التمثيل فى الحياة بشكل عام.

فمن يجيد التمثيل فى المواقف الإنسانية أو الحياتية المختلفة يستطيع أن يحقق الكثير من الأرباح، بأقل جهد ممكن، لأن التمثيل فى النهاية لا يعنى تحولاً فى الواقع، إنه كلام بدون فعل، أو كلام خالٍ من العمل، كما قال «محسن أبوالنور».

فتمثيل الزوج الحب على زوجته لا يعنى حباً، وتمثيل الأبوة أو البنوة دون أفعال، لا يعنى القيام بالدور، وتمثيل حب الوطن، لا يعنى عطاءً له، وتمثيل التدين لا يعنى سلوكاً مستقيماً مع قيم الدين، وهكذا.فى فيلم عائلة زيزى -إنتاج عام 1963- تقف الطفلة الصغيرة «زيزى» ناصحة أختها الكبرى بالانتحار حتى تضطر أفراد عائلتها إلى الموافقة على احتراف التمثيل السينمائى، تتعجب الأخت الكبرى من الاقتراح، وتسألها: «انتى عاوزانى أنتحر؟»، فترد الصغرى، «كده وكده.. ما انتى كل عيشتك كده وكده».

لا تجد عبارة قادرة على التعبير عن طبيعة الحياة داخل مجتمعنا من عبارة «كده وكده».. إذ تكاد تتحول كافة الممارسات المعيشية والسلوكية فى مجتمعنا إلى «كده وكده».

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كده وكده» «كده وكده»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab