وجع النفس و«المعدة»

وجع النفس.. و«المعدة»

وجع النفس.. و«المعدة»

 العرب اليوم -

وجع النفس و«المعدة»

بقلم - د. محمود خليل

جمعت أكثر من آية كريمة من آيات القرآن الكريم بين «الجوع والخوف».. مثل قوله تعالى: «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِى أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ».. ويقول: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ».. ويقول: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ».

ثمة حكمة إلهية فى الجمع بين الجوع والخوف.. فالخوف من الجوع هو أكثر أنواع الخوف التى يكابدها الإنسان فى الحياة، ووجود الجوع يعمق إحساس الإنسان بالخوف والهلع، فحين يتضعضع جسد الإنسان ينهدّ إحساسه، والخوف لدى البعض يولّد لديهم إحساساً بالجوع، لذا تجد أحدهم يردد بشكل آلى وتلقائى حين يخاف: «أنا عاوز آكل».. وكأن الطعام يمنحه إحساساً بالطمأنينة.

الشىء اللافت أن تجارب البشر تقول إن الجوع والخوف قرينان، إذا حضر أحدهما ظهر الآخر، وإن اختفى توارى القرين إلى الظل. فالمجتمعات الثرية التى لا تعانى مشكلات على مستوى احتياجاتها الأساسية أكثر اطمئناناً واستقراراً، وأفرادها أكثر تصالحاً مع الحياة، وأميل إلى الإضافة إلى معطيات الحياة، فى حين أن المجتمعات الجائعة أو التى تعانى على مستوى توفير حاجاتها الأساسية يتمكن منها ويسكن أفرادها إحساس بالخوف. على هذا الأساس يصح أن نفهم حكمة الخالق العظيم حين أمر قبيلة قريش بعبادته، بعد أن يسّر لهم أسباب الثراء، التى أمّنت حاجاتهم الأساسية وأشبعت بطونهم، وولّدت لديهم شعوراً بالأمان وعدم الخوف من أى تهديد خارجى، بسبب قوة شوكتهم، واحترام القبائل الأخرى لهم.

فتأمين حاجات الجسد يؤدى إلى طمأنينة النفس، وخلو البال، والبراءة من الخوف. حدث ذلك فى القرية التى تحدث عنها القرآن الكريم، والتى عاشت سنين آمنة مطمئنة، وكان السر فى اطمئنانها حالة الثراء التى نعمت بها، والرزق الوفير الذى كان يأتيها من مصادر متعددة ومتنوعة، لكنها لم تشكر نعم الله عليها، وتعالت بها على واهب النعم، فكانت النتيجة أن أذاقها الله تعالى مرارة الابتلاء المزدوج «الجوع والخوف»، وما أجمل التعبير القرآنى الذى يقول «فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ»، وكأن الجوع والخوف يلف أهل هذه القرية ويشملهم كما تلفهم وتشملهم ملابسهم.

وليس الجوع والخوف -فى كل الأحوال- دليلاً على تقصير البشر فى حق الخالق أو فى حق أنفسهم، فقد يكونان ابتلاءً من الله لعباده، واختباراً لقدرتهم على الصبر والتحمُّل وتقبُّل أقداره سبحانه وتعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ». ولعلك تلاحظ أن الوجع النفسى «الخوف» سبق الوجع الجسدى «الجوع» فى الآية الكريمة.. كما أن الله تعالى أشار إلى أن الابتلاء فى هذه الحالة يكون جزئياً وليس كلياً: «شىء من الخوف والجوع»، فالله تعالى رحيم بعباده، ويعلم مدى قسوة ابتلاء الجوع والخوف، وبالتالى فعندما يضرب بهما شخصاً أو مجتمعاً فالضربة هنا تكون جزئية «بشىء» لأن الابتلاء هدفه الارتقاء بالشخص وليس تدميره. الضربات الكلية بالخوف والجوع يوجهها البشر لبعضهم البعض، فبعضهم لا يهمه تدمير غيره عن طريق إيلامه بالجوع وزلزلة كيانه بالخوف.

اللهم خفف عن كل جائع وخائف.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجع النفس و«المعدة» وجع النفس و«المعدة»



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 22:38 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل مصريين حادث إطلاق النار في المكسيك

GMT 04:42 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مفكرة القرية: تحصيل دار

GMT 06:26 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ذبحة صدرية تداهم عثمان ديمبلي

GMT 05:00 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

خروج بلا عودة

GMT 18:55 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

3 قتلى و3 جرحى نتيجة انفجار ضخم في حي المزة وسط دمشق

GMT 09:22 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الحوثيون يعلنون استهداف تل أبيب بعدد من طائرات الدرون

GMT 22:23 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

18 قتيلا بضربة إسرائيلية على مقهى في طولكرم

GMT 15:25 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تقرر ضرب هدف استراتيجي في إيران

GMT 08:13 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

18 شهيدًا في غارة للاحتلال الإسرائيلي على مخيم طولكرم

GMT 13:05 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

كوريا الجنوبية تستعد لإعصار "كراثون"

GMT 09:21 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تقصف 5 بلدات في جنوب لبنان بالمدفعية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab