حين ركبت «التفاهة»

حين ركبت «التفاهة»

حين ركبت «التفاهة»

 العرب اليوم -

حين ركبت «التفاهة»

بقلم - د. محمود خليل

لم يكن "لمعان" شخصية "تفاهة" في فيلم "بلية ودماغه العالية" تعبيراً عن مجرد إبداع خاص قدمته في الفيلم، بل ظني أن جوهره أن فكرة "التتفيه" ومنهجياته -إن صح أن له منهجيات- كانت قد بدأت في الزحف بشكل حثيث إلى كافة مفاصل الحياة داخل مجتمعنا، فأصبح كل شىء قابل للتسفيه، في المقابل لقيت التفاهة والتتفيه والتافهون مساحات تمدد في المجتمع، فاقت أي زمن مضى.

كأمثلة على ذلك.. انتشرت أواخر التسعينات وخلال العقد الأول من الألفية الجديدة برامج ساخرة عديدة، اعتمدت بشكل أساسي على منهجية "التتفيه"، وجعل الكثير من الأفلام التي تمتعت بمكانة خاصة على خريطة الوجدان المصري، بسبب عظمة النصوص المأخوذة عنها، أو معالجتها لموضوعات أو لمراحل شكلت حلقات مفصلية في تاريخنا، أو مشاركة فنانين كبار فيها، مادة للضحك، والسخرية، والزغزغة الفجة.

تعال مثلاُ نستذكر عملاً مثل "دعاء الكروان" الذي هز وجدان العديد من الأجيال، لما حمله من وصف لتناقضات وتقلبات مشاعر البشر، وما يطرحه من أفكار حول سحق الأغنياء للفقراء، واتخاذهم مادة للتسري، والثقافة العنيفة التي تحملها الطبقات الفقيرة في نظرتها إلى المرأة.

دعاء الكروان تحول إلى "دعاء البغبغان" وبات مادة للسخرية في أحد هذه البرامج.

وعمل درامي يمجد السعي الشريف في الحياة الذي دفع بأحد الفقراء إلى مواقع متقدمة على خريطة الثراء، مثل "لن أعيش في جلباب أبي" تحول إلى "لن أعيش في بوكسر أبي"، ونص "التوت والنبوت" تحول إلى "البوت والزعبوط".

وكما تعلم فإن دعاء الكروان مأخوذ عن رواية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ولن أعيش في جلباب أبي مأخوذ من نص لإحسان عبد القدوس، والتوت والنبوت، يمثل الحكاية العاشرة من حكايات الحرافيش لصاحب نوبل، الأديب نجيب محفوظ.

نماذج عديدة ستجدها لو فتشت لبرامج وأعمال تليفزيونية اعتمدت خلال هذه الفترة على تتفيه إبداع العديد من الرموز الفكرية والأدبية والفنية، وتسييل قيمتها داخل الوجدان العام، من خلال أداة لا تخطىء في تأثيرها، وهي أداة السخرية.

وفي خضم هذا التحول الذي بدأ منذ عقد التسعينات وامتد إلى العقدين التاليين له، أصبحت السخرية وتتفيه كل شىء "سلو بلدنا"، وأصبح البحث عن الكوميديا هو كل شىء، وانتشرت في هذه الأجواء أعمال كوميدية عديدة اختلفت في قيمتها، وأرجو ألا أكون مبالغاً إذا قلت أن أغلبها خرج مكسواً بحمولة من التفاهة و"السآلة" غير المسبوقة في تاريخنا.. بل قل إن البطولة فيها كانت للتفاهة.

الكوميديا مطلوبة ولا شك، وهي جناح أساسي من أجنحة الدراما، لكن بإمكانك أن تقيس الفارق بين الأعمال الكوميدية المعاصرة، وكوميديا نجيب الريحاني، أو اسماعيل ياسين، أو فؤاد المهندس، ورغم ما اتهمت به بعض أعمال النجمين الأخيرين من تفاهة وسطحية، إلا أنها لم تخل من فكرة، فلم يكن الغالب عليها جميعها منهجية "التتفيه" بالصورة التي شهدناها أو نشهدها، بل كان بعضها يحمل قيمة كبرى.. انظر على سبيل المثال كيف عالج فؤاد المهندس آفة النفاق في فيلم "أرض النفاق"، وكيف جسد اسماعيل ياسين فكرة "قضا أخف من قضا" في فيلم "اسماعيل ياسين في السجن".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين ركبت «التفاهة» حين ركبت «التفاهة»



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab