«الزعيق» و«الزاعق»

«الزعيق».. و«الزاعق»

«الزعيق».. و«الزاعق»

 العرب اليوم -

«الزعيق» و«الزاعق»

بقلم - د. محمود خليل

يقول صلاح جاهين في الرباعيات: "زحام وأبواق سيارات مزعجة واللي يطول له رصيف يبقى نجا".. لا أجد عبارة قادرة على تلخيص حال إعلام التفاهة، مثل هذه العبارة.. فبعد ثورة الأقمار الصناعية باتت القنوات التليفزيونية بلا عدد، وبات الأداء الإعلامي أشبه بأداء الأسواق، مئات البائعين المنتشرين في كل اتجاه، تتشابه البضائع المتراصة أمامهم.

وكل واحد يحاول أن ينادي على بضاعته بعزم ما فيه، ويعلّي على من يجاوره، بهدف استقطاب الزبون.. والبضاعة الجيدة تعرف كيف تبيع نفسها دون "زعيق" أو استخدام "أبواق".. فالزعيق والأبواق لا تصعد أدوارهما إلا في حالة البضاعة الرديئة.تابع أي برنامج توك شو على أي قناة تليفزيونية تريدها.

وستجد أن "الزعيق" هو المنهجية الغالبة على أداء مقدميها.. تجد أحدهم على سبيل المثال يشب بقدميه، ويُرغي وُيزبد، ويحذر وينذر، وكأنه النعمان بن المنذر، والآخر يظل يصرخ حتى يتحول صوته إلى حشرجة.. المدافع عن الواقع يفعل ذلك، والناقد يفعله أيضاً، ليبدو المشهد الإعلامي وكأنه سقط سهواً من أحد كتب التاريخ التي تحكي عن سوق عكاظ.

المسألة لا تتوقف عند حد "الزعيق" بل تتجاوزه إلى كل ما هو "زاعق".. فكلما كان المحتوى زاعقاً أدى ذلك إلى استقطاب الجمهور، وميلاد الترند، بما يحمله من منافع.

والمحتوى الزاعق ببساطة هو الخارج عن السائد، فإذا كان الجميع يتحدثون عن حقوق المرأة، تحدث عن حقوق الرجل، وإذا كان البعض يتحدث عن الزواج كمؤسسة طبيعية، تحدث عنه كمؤسسة فاشلة، وإذا وجدتهم يبجلون الدين اضرب في رموزه، أو يبجلون الدنيا فمجد في الدين، أو يتحدثون عن العلاقات الإنسانية السوية، فتحدث عن العلاقات غير السوية.. وهكذا.

المحتوى "الزاعق" هو المحتوى البعيد عن التوازن، لأن هدفه ببساطة "خلق الاستقطابات"، فالناس عادة ما ينقسمون إلى فريقين إزاءه: مؤيد ومعارض، لتبدأ حفلات الهجوم المتبادل، والذي يأخذ في بعض الأحوال شكل "النهش اللغوي"، حين يدور الحوار بين الفريقين بالتعليقات المكتوبة.

فالخشونة اللفظية في مثل هذه الحالة هي البديل لعدم وجود فرصة للزعيق والصراخ بالصوت.. وفي كل الأحوال يغيب النقاش العقلاني الجدي وتسود "التفاهة".

ولأن "الزعيق" لا يقنع العقل، بل يصدع الرأس، ولأن المضمون "الزاعق" يتسم بالاستهلاك السريع، فإن أصحاب هذا النوع من الأداء التافه يلجأون باستمرار إلى التعليه، برفع الصوت أكثر وقت "الزعيق"، وإلى اختراق كل قيمة عند صناعة المحتوى "الزاعق".

ويدعم من ذلك ما باتت تحققه "التفاهة" من أرباح، خصوصاً بعد أن دخل الجميع السباق.

وأصبح الشخص العادي قادراً على أن ينافس الإعلاميين، عبر عرض بضاعته التافهة على مواقع السوشيال ميديا.ربما تكون قد شاهدت الفيديوهات الشاذة التي يصنعها البعض ويحقق من خلالها مكاسب بملايين الجنيهات، بسبب كثرة المشاهدات من جانب أفراد الجمهور، ممن نسجت التفاهة خرائط عقلهم وتفكيرهم.

فهذا يلقي العجين فوق رأسه، وهذا يلعب بالسكاكين، وتلك تفعل كذا أو كذا من أفعال منافية للعقل والقيمة، وغير ذلك.محتوى لا حصر له بات يتزاحم في كل زاوية من زوايا الميديا والسوشيال ميديا، وكله "بيعلي" على كله، مثل أبواق السيارات المزعجة التي يحاول أصحابها التعلية على بعضهم البعض حين يسيرون في طريق مزدحم.. ولا نجاة إلا بالهروب إلى "رصيف العقل".

arabstoday

GMT 18:01 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

تفجيرات حافلات تل أبيب.. فتش عن المستفيد!

GMT 18:00 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

غروب الإمبراطورية الأمريكية!

GMT 17:59 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

8 دروس فى قمة الأهلى والزمالك

GMT 07:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 07:26 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الزعيق» و«الزاعق» «الزعيق» و«الزاعق»



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab