أنغام السماء وصوت الشعب

أنغام السماء.. وصوت الشعب

أنغام السماء.. وصوت الشعب

 العرب اليوم -

أنغام السماء وصوت الشعب

بقلم - د. محمود خليل

منذ عام 1918 أصبح التزاحم على مسجد فاضل باشا للاستماع إلى الشيخ محمد رفعت مشهداً معتاداً لدى سكان «درب الجماميز» الذى يقبع به المسجد. والمسجد تم إنشاؤه فى عصر الناصر قلاوون، بناه الأمير بشتاك الناصرى، واسمه فى الأصل «مسجد بشتاك»، وأطلق عليه اسم «مسجد فاضل» بعد أن دفن فيه الأمير مصطفى فاضل، وذلك بقرار فوقى من والدته «ألفت هانم»، وقد توفى عام 1875، أى قبل ميلاد الشيخ محمد رفعت بسبع سنوات.

عرف هذا المكان نوعاً من الصخب الهادئ، فقد كان محبو الشيخ يتزاحمون داخل المسجد وحوله، والمحظوظ منهم من يجد لنفسه مكاناً بالقرب من الموضع الذى يجلس فيه الشيخ ليقرأ القرآن الكريم. يحكى الشيخ الشعراوى أنه كان يذهب مثل غيره من محبى الشيخ للاستماع إليه، فيجد أناساً سبقوه، منذ الفجر، وكان الواحد منهم يذهب ليصلى الفجر بمسجد فاضل باشا، ويظل ماكثاً فى مكانه بالقرب من الموضع الذى يقرأ فيه الشيخ حتى يأتى، ليذوب معه فى آيات الذكر الحكيم. كان الصخب يحدث وقت التزاحم لإدراك مكان، ولكن ما إن يبدأ الشيخ فى التلاوة بصوته الرقراق حتى يخيم الصمت والهدوء، ليدخل الجميع فى «حالة الأسر».

على المستوى الشخصى أذكر أننى كنت أمرّ بعد سنين طويلة من وفاة الشيخ محمد رفعت من شارع «درب الجماميز»، حيث يقبع مسجد فاضل باشا، فأجد -ويا للعجب- أن هذه البقعة لم تزل تنعم بهدوء عجيب ويخيم عليها صمت قدسى، وكأن صوت الشيخ ما زال يتردد، وتستمع له الخلائق، وأظن أن حالة الهدوء العجيب والصمت القدسى ما زالت تظلل المكان حتى اللحظة.

منذ اللحظة الأولى فرض صوت الشيخ محمد رفعت نفسه، يصف شكرى القاضى فى كتابه: «عباقرة التلاوة فى القرن العشرين» تلاواته داخل مسجد فاضل قائلاً: «لم يكن الشيخ يحاول أن يعلو بصوته أو يرتفع به، ومع ذلك كان كل من فى المسجد وخارجه يستمعون إليه، ولا يفوتهم حرف واحد من تلاوته، ويا لها من تلاوات تبلورت ملامحها، ولم يكن الفتى الضرير قد جاوز العشرين من عمره بعد. فقد اجتمع فى صوته كما يقول علماء الموسيقى كل ميراث الحنجرة العربية من الأنغام والأوتار الصوتية الخلاقة، فضلاً عن استيعابه المذهل لمعانى القرآن الكريم».. وقد توجه «القاضى» بسؤال لأحد معاصرى الشيخ ومستمعيه -وهو الأستاذ حافظ محمود شيخ الصحفيين- ليصف له إحساسه بصوت الشيخ حين كان يسمعه من مسجد فاضل باشا، فرد عليه قائلاً: «عندما انتقلنا إلى منزل قريب من مسجد فاضل باشا وسمعت صوت الشيخ محمد رفعت ينساب من منافذ المسجد انسياباً رقيقاً، فيه نغمات حسبتها أول الأمر صوت الكمان الصادر عن سكان التكية المجاورة للمسجد.. أنغام صادرة من فم إنسان تحسبه وهو يردد الآيات ملاكاً يلبس عمامة بيضاء».

ويأخذك الأستاذ محمود السعدنى وهو يصف صوت الشيخ محمد رفعت من السماء التى حلّق بنا فيها الأستاذ حافظ محمود ليهبط إلى الأرض ويقول إن صوت «رفعت» هو «صوت الشعب». فمن أصوات الشحاذين والمداحين والندابين والباعة الجائلين استمد المرحوم الشيخ محمد رفعت صوته، فخرج مشحوناً بالأمل والألم، مرتعشاً بالخوف والقلق، عنيفاً عنف المعارك التى خاضها الشعب، عريضاً عرض الحياة التى يتمناها، ولذلك كتب لهذا الصوت البقاء.

arabstoday

GMT 05:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد الأقباط

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنغام السماء وصوت الشعب أنغام السماء وصوت الشعب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab