الشيخ وسهم النظرة

الشيخ.. وسهم النظرة

الشيخ.. وسهم النظرة

 العرب اليوم -

الشيخ وسهم النظرة

بقلم - د. محمود خليل

كان الشيخ محمد رفعت «الطفل» يعيش وسط شلال من الحنان المتدفق داخل البيت الذى تقطن به الأسرة بـ«درب الأغوات». والدة حانية تنظر إلى عينى طفلها وهو راقد فوق حجرها فتذوب فيه، تتأمل ابتسامته الطفولية العذبة، وتجد فيها سر الحياة، ووالد يمثل البيت بالنسبة له واحة أنسه وبهجة نفسه، يعود من عمله بجعبة تعب ومعاناة، سرعان ما يتهاويان بمجرد أن يصافحه طفله بابتسامته العذبة التى تضىء معها عيناه بنور السكينة والطمأنينة، وكأنهما مسكونتان بسر من أسرار السماء، تأسران كل من ينظر إليهما، حتى من الأهل والجيران، الذين كانوا يتأملون هاتين العينين المضيئتين بالسكينة والطمأنينة فيأوون إلى عالمهما.

الأسابيع تتوالى والشهور تمضى ويتم الطفل «محمد رفعت» عامه الأول فى جو من الرضا الذى يخيم على الأسرة الصغيرة التى وجدت أنسها وبهجتها فى نور السكينة الذى تفيض به عينا «الصغير»، ولحظات الأنس والبهجة تفقد الإنسان إحساسه بالزمن، فتمر الأيام سريعاً، وها هو الطفل يكمل عامه الثانى، لكن مع مطلعه يطرأ طارئ على نبع السكينة فى عينيه، يصيبهما احمرار، وتعب، يثير قلق الأم والأب، بل والجيران الذين أحبوا الطفل. كثيرون رددوا أن سهم الحسد هو الذى أصاب أعين الشيخ فى طفولته فكُفّ بصره. وأدق رواية يمكن أن تجدها فى هذا السياق هى الرواية التى قدمها «محمود الخولى» فى كتابه «أصوات من نور»، نقلاً عن زوج ابنة الشيخ محمد رفعت، الدكتور عبده فراج، وفيها يقول: «ولد الشيخ مبصراً.. وقد قالت لى ابنته هذا الكلام نقلاً عنه، فقد كان جميل الشكل عند ولادته، فحسده الناس، فهاجمه مرض فى إحدى عينيه، ولكن الإهمال فى العلاج أثر عليهما».

مسألة حسد الأقارب والجيران لأعين الشيخ، التى شبهها بعض من يتبنون هذه الرواية بأنها كانت تشبه أعين الملوك، تساق فى أغلب الكتابات كسبب يقف وراء فقده البصر خلال السنوات الأولى من عمره، وهى تحتاج إلى مراجعة، حتى ولو كان الشيخ رفعت -عليه رحمات الله- قد تبناها فى حياته، وسلم بها بعد ذلك كل من سمعها. من الطبيعى أن يقف الإنسان عاجزاً أمام الابتلاءات الكبرى فى الحياة، وما أكثر ما يحاول البحث عن تفسير لها من واقعه المعيش، فيلجأ إلى تفسيرات مثل الحسد، ويستند إليها فى فهم ما حدث. نعم الحسد مذكور فى القرآن الكريم، لكن بمعنى السعى فى إيذاء الآخر، بعبارة أخرى الحسد لا يعنى سهم النظرة، قدر ما يعنى سهم السلوك المؤذى، الذى يجتهد فيه الحاسد فى إزالة النعمة عن غيره.

المسألة قدرية بحتة، والله أعلم، كما أنها ترتبط بواقع الحياة الصحية والطبية فى مصر خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر، فشاءت الأقدار أن ينسحب نور السكينة فى أعين الطفل محمد رفعت إلى داخل نفسه، وفى الواقع المعيش كان «الإهمال فى العلاج»، كما يقرر زوج ابنته الدكتور عبده فراج، السبب المباشر فيما أصاب أعين الشيخ.

arabstoday

GMT 18:01 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

تفجيرات حافلات تل أبيب.. فتش عن المستفيد!

GMT 18:00 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

غروب الإمبراطورية الأمريكية!

GMT 17:59 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

8 دروس فى قمة الأهلى والزمالك

GMT 07:31 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

جيمس قبل ترمب

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 07:26 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

أكاذيب

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيخ وسهم النظرة الشيخ وسهم النظرة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab