كيف تسلل إلى الجنة

كيف تسلل إلى الجنة؟

كيف تسلل إلى الجنة؟

 العرب اليوم -

كيف تسلل إلى الجنة

بقلم - محمود خليل

 

حكم الخالق الأعظم على إبليس بالخروج من الجنة. "قال فاخرج منها فإنك رجيم". ويذهب الطبري إلى أن كلمة "منها" في الآية الكريمة دالة على الجنة، ويتفق معه في ذلك كافة المفسرين.

وفي المقابل قطع إبليس على نفسه عهداً أمام الله بغواية بني آدم حتى يروغوا عن عبادة الخالق.. يقول الله تعالى: "قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين".

ويقع الخطاب التأويلي بعد ذلك في مأزق عندما يستطرد في شرح قصة إبليس، وذلك في الموضع الذي يتناول فيه واقعة سقوط آدم في المعصية وأكله من الشجرة التي منعه الله إياها، بعد أن أغراه الشيطان بذلك.

فكيف دخل آدم الجنة بعد أن طُرد منها؟!.

تلك واحدة من الإشكاليات التأويلية الكبرى التي واجهت المفسرين، وكانت موضعاً لاهتمام واحد من كبار مفكرينا، وهو الدكتور محمد أحمد خلف الله الذي طرح هذه الإشكالية في كتابه "الفن القصصي في القرآن الكريم"، واستند إليها–هي وغيرها من الإشكاليات الشبيهة- إلى نظرية جديدة في فهم القصص القرآني، حين ربطه بفكرة "الأمثال".

أراد "خلف الله" من خلال النظرية التي طرحها حل إشكالية "آدم الذي خرج من الجنة ثم عاد إليها"، وغيرها من الإشكاليات الشبيهة في القصص القرآني من خلال فرضية أن القصص القرآني يجمع بين الحقيقة والمجاز، وأنه في كل الأحوال يستهدف شرح الحق وتبيينه للناس.

وقياساً على ذلك يمكن النظر إلى هذه الإشكالية التي حيرت المفسرين فيما سبق حين توقفوا أمام "إبليس" الذي حكم الله عليه بالطرد من الفردوس، ليظهر بعدها فجأة وهو يوسوس لآدم داخل الجنة، ويغريه بالأكل من الشجرة.

افترض المفسرون عدة تأويلات -اسرائيليات في الأغلب- لتفسير دخول آدم إلى الجنة من جديد، التأويل الأول أنه دخل الجنة من خلال "الحية" التي ابتلعته واختبأ في جوفها حتى دخلت به الجنة، فخرج منها ووسوس لآدم، الثاني أن يكون إبليس دخل الجنة في صورة دابة، الثالث أن يكون آدم وحواء كانا يخرجان إلى باب الجنة وإبليس كان يقرب من الباب ويوسوس إليهما، أما الوجه الرابع فيفترض أن إبليس كان في الأرض وأوصل الوسوسة إليهما في الجنة.

وقد أنكر بعض المفسرين الوجه الرابع وقالوا أن هذا بعيد لأن الوسوسة كلام خفي والكلام الخفي لا يمكن إيصاله من الأرض إلى السماء.

ولست أجد مبرراً في إنكار المفسرين الوجه الرابع لتفسير خروج آدم من الجنة والذي يذهب إلى أن الشيطان وسوس لآدم بشكل خفي حتى أغراه بالأكل من الشجرة.

فكيف ينكر هؤلاء هذا الطرح وهم يقرأون في كتاب الله: "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم".

فالشيطان يتسلل إلى الإنسان في شكل خفي، وفي حين يستطيع إبليس رؤية بني آدم، فإن الأخير ليس بمقدوره رؤيته.

وذلك معنى "الوسوسة" ككلام خفي.

أغلب الظن –والله أعلم- أن المفسرين هرولوا وراء التفسيرات التوراتية فاندفعوا إلى سرد قصص مفسرة لدخول إبليس إلى الجنة من خلال الحية أو عبر التنكر في شكل دابة ثم الوسوسة لآدم، رغم أن المعنى القرآني واضح في أن عملية الوسوسة تمت عن بعد، ولم تكن تحتمل الرؤية المشتركة، بل كان إبليس يرى آدم، في حين أن آدم لا يراه.

يتساند مع ما أذهب إليه أيضاً تحليل الآية الكريمة التي تقول "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو". فألف التثنية في الآية تدلل على أن الخطاب كان موجهاً لكل من آدم وحواء بعد أن عصيا ربهما وأكلا من الشجرة.

يقول صاحب "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن": "الظاهر أن ألف الاثنين في قوله اهبطا راجعة إلى آدم وحواء المذكورين في قوله" فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما"، خلافا لمن زعم أنها راجعة إلى إبليس وآدم، وأمره إياهما بالهبوط من الجنة المذكورة في آية "طه" هذه جاء مبينا في غير هذا الموضع.

كقوله في سورة "البقرة": "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين"، وقوله فيها أيضا: قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

وفي هذه الآيات سؤال معروف، وهو أن يقال : كيف جيء بصيغة الجمع في قوله اهبطوا، في " البقرة" و "الأعراف" وبصيغة التثنية في "طه" في قوله: اهبطا مع أنه أتبع صيغة التثنية في "طه" بصيغة الجمع في قوله فإما يأتينكم مني هدى وأظهر الأجوبة عندي عن ذلك: أن التثنية باعتبار آدم وحواء فقط، والجمع باعتبارهما مع ذريتهما".

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 06:16 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تسلل إلى الجنة كيف تسلل إلى الجنة



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:43 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 العرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 12:05 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان ينوي بحث انسحاب القوات الأميركية من سوريا مع ترامب
 العرب اليوم - أردوغان ينوي بحث انسحاب القوات الأميركية من سوريا مع ترامب

GMT 11:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة
 العرب اليوم - مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة

GMT 04:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
 العرب اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab