«الحرافيش» والتشيع

«الحرافيش» والتشيع

«الحرافيش» والتشيع

 العرب اليوم -

«الحرافيش» والتشيع

بقلم - د. محمود خليل

قد يكون من المفيد التذكرة بالظلال الشيعية التي ظهرت في ملحمة الحرافيش للراحل "نجيب محفوظ". إن المتأمل لحكاياتها العشرة سيلاحظ أطياف تشيع متنوعة تظهر على مستويات عدة بداخلها. فالملحمة تتراوح ما بين ثنائية الظلم والعدل الإنساني، وتمثل عائلة عاشور الناجي وسلساله الطرف الباحث عن العدل متسلحاً بالقيمة، في حين يمثل الفتوات الطرف الظالم المستبد المتسلح بالنبوت وبحنكته ومهارته السياسية.يبدو الصراع بين "آل الناجي" والفتوات أشبه –مع الفارق في التشبيه بالطبع- بالصراع التاريخي بين أهل البيت والأمويين. وهو الصراع الذي كان يمثل فيه أهل البيت الطرف الباحث عن استعادة القيم الإيمانية، والدولة الديانة، ونشر العدل بين البشر، ويمثل فيه الأمويون الطرف الذي يمتلك الحنكة والحيلة السياسية، والمتسلح بالنبوت من أجل فرض حكمه الغشوم على المجموع.والمجموع في الحالتين هم "الحرافيش" الذي جرّبوا عدل الناجي وأبنائه وأحفاده لفترة زمنية قصيرة، مرت كحلم سرعان ما خضعوا بعده لنبوت الفتوات. هم دائماً يمثلون الفئة الحالمة بعودة العدل، لكنهم في المقابل يؤمنون بأن الطرف الأقوى الذي يمتلك الحنكة والنبوت هو الأقدر على الفوز في أي صراع، ولابد من الخضوع والاستسلام له.في الأدبيات الشيعية تجد استدعاءاً مستمراً لمقولة علي بن أبي طالب وهو يوصف نفسه في مواجهة معاوية بن أبي سفيان: " والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة، والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة".الفتوات في رواية الحرافيش ليسوا أقوى ولا أدهى من الناجي الكبير وآله، لأنهم يتقون الله ولا يترخصون في الغدر والكراهية والفجر والكيد. فهذه القيم اللاإنسانية لا تستقيم مع تركيبة "الناجي"، الرجل الذي يملك القوة، لكنه لا يستخدمها في الشر والبطش. لو أنك راجعت المواضع الدالة على القيم التي آمن بها عاشور الناجي وآله لوجدت أن آخرها القوة. فالقوة متوافرة لديهم بوفرة لكنها ليست الأساس في الفتونة. فـ"الفتونة أخلاق" كما كان يردد أبناء وأحفاد الناجي الكبير.ولو أنك فتشت في الحكايات المستقرة داخل الوجدان الشعبي حول قوة علي بن أبي طالب فسوف تجد الكثير، وهي في مجموعها تؤكد على توافر نوع من القوة الأسطورية لديه تجعله مرة يفتح بابا ينوء به 10 رجال، وتمكنه من جندلة أعتى الفرسان منذ أن كان شابا صغيراً، وقدرته على ارتداء ملابس الصيف في الشتاء القارص وغير ذلك. وهو في الوقت نفسه عالم كبير بأمور الدنيا والدين آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب.ثمة نوع من المحاكاة التي قد تكون مقصودة أو غير مقصودة ما بين السيرة العاشورية وسيرة أئمة الشيعة، بدءاً من الإمام الأول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبغض النظر عن المقصودية أو عدمها فإن الثقافة المصرية ألقت بظلها على العقل الإبداعي لنجيب محفوظ، وهي الثقافة التي ترسم صورة شعبية لعلي بن أبي طالب تمزج بين القوة والعدل.قلوب الحرافيش تتشيع لـ"الناجي" وسلساله.. أما واقعهم فمستسلم للنبوب.. واللي في القلب في القلب!.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحرافيش» والتشيع «الحرافيش» والتشيع



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab