هشام عطية

هشام عطية

هشام عطية

 العرب اليوم -

هشام عطية

بقلم - د. محمود خليل

بسهولة كده تترك كلية الطب لتلتحق بكلية الإعلام؟كان ذلك السؤال المفتاح الذى ولجت به إلى عالم «إنسان حقيقى»، اسمه «هشام عطية»، حين تعرفت عليه للمرة الأولى عام 1987، وقتها كنت معيداً بكلية الإعلام، وكان الدكتور «هشام» طالباً بالفرقة الثانية.. أجاب عن السؤال ببساطة: نعم.. تركت الطب لأننى لا أتحمل رؤية إنسان يتألم، كما أننى أحب الإعلام.

وقتها لم يكن الطالب «هشام عطية» يسير إلا وهو متأبط كتاباً أو أكثر (خارج مقررات الكلية طبعاً)، وقد ظل الكتاب صديقه الأوفى حتى رحيله عن الحياة، لم يتوقف عن القراءة للحظة، وكان تبادل الكتب بيننا من بوابات صداقة عميقة توطدت على مدار ما يقرب من 40 عاماً.. وما أكثر ما كنا نتندر بمن أخذ من الثانى كتباً أكثر، ونردد بيت الشعر الذى يقول فيه أحدنا: «مجنون من أعار كتاباً»، فيسارع الآخر مستكملاً: «وأجن منه من أعاده».. أكثر ما كان يميز «هشام عطية» هو امتصاص المعانى التى يقرأها، والعيش فيها بكل جوارحه.. إنه الطالب الذى ترك الطب خشية أن يرى إنساناً يتألم.. لكنه كان يعيش الحروف ويعانى.. كانت حمولة قلبه ثقيلة.

بسهولة تخرَّج هشام عطية بترتيب الأول على دفعته، لم يكن «حرّيت مذاكرة»، ولا «حفّيظاً»، كما هو حال الأوائل، فأغلب وقته كان موجهاً لقراءات فى أفرع معرفية شتى، وكان من الألمعية بحيث يكفيه أن يمر على المحاضرات والمقررات، ثم يطلق لعقله العنان فى الإجابة عن الأسئلة فيبدع أيما إبداع.. ما أكثر ما كنا «نتناقر» فى مسألة العلمى والأدبى، رغم أنه وهو «العلمى» مغرم بالأدب، «وأنا الأدبى» شغوف بعلم «الرياضيات».

انطلق «هشام» بعد التعيين فى رحلة بحث علمى فريدة من نوعها، كان جوهرها الإبداع بشتى معانيه: الإبداع فى الفكرة، والإبداع فى الأدوات المنهجية، والإبداع فى التحليل والاستخلاص، بل والإبداع فى لغة الكتابة العلمية، وتخريج واستنباط المصطلحات كانت حمولة إبداعه العقلى عريضة.

وفى عمله وأدائه كان يقدم نموذجاً فريداً فى الإخلاص: الإخلاص فى القول، والإخلاص فى العمل، والإخلاص لمن حوله.. باختصار كان شخصاً مسئولاً بمعنى الكلمة، وما أكثر ما كان يجور على نفسه من أجل التجويد، يجد ويجتهد ويبذل الجهد، ويتحمل المعاناة، وهو فى الوقت نفسه يتعامل مع كل من حوله بإنسانية واضحة، يخفف عنهم، ويتعامل برقى مع الضعف الإنسانى، ويتحمل عن غيره الأعباء وهو مبتسم راضٍ.. وأكثر ما يشق عليه أن يرى غيره يتألم.. يكفى جداً أن يلمح الألم فى عين غيره حتى يهرول إلى احتضانه والتخفيف عنه.. كانت حمولة مشاعره الإنسانية كبيرة.

إنسان حقيقى، كان هشام عطية: الحب حمولة قلبه.. والإبداع حمولة عقله.. ومشاعره تتسع لكل المحيطين به.. تلك هى معادلة الإنسانية الحقة التى عاشها هذا الإنسان الحقيقى الذى رحل عن عالمنا منذ ساعات، الرجل الذى عاش يعطى دون أن ينتظر من أحد جزاءً ولا شكوراً، الرجل الذى اجتهد وأبدع فى مجال تخصصه، ورضى بما قسم الله تعالى له من عطاء، الرجل الذى وهبه الله قلباً نقياً غنياً بالمشاعر والأحاسيس، قلباً أفاض بالكثير ونعم بالقليل.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، يا حنان يا منان، بحق الأيام الطيبات التى نحيا فى ظلها والتى شاءت فيها إرادتك أن تسترد فيها وديعة عبدك هشام عطية، اغفر له، وارحمه، وامنح روحه الطيبة السكينة والسلام، واجعل آخرته خيراً من أولاه.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هشام عطية هشام عطية



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab