قول يا باسط

قول يا باسط

قول يا باسط

 العرب اليوم -

قول يا باسط

بقلم - محمود خليل

كثيرون يقولون إن أبناء العصر الحالى يعانون إفلاساً على مستوى الأخلاق، قياساً إلى أبناء عصور سابقة تمتعوا بثراء أكبر على هذا المستوى، وهم من هذا المنظور يؤكدون على النظرية التى تذهب إلى أن منحنى الأخلاق يسير -مع مرور الزمان- إلى أسفل، شأنه شأن العديد من المنحنيات الأخرى المعبرة عن عناصر الحياة. وما أكثر ما تسمع منهم كلاماً عن الزمن الجميل أو الماضى الأكثر اتزاناً وإنسانية مقارنة بالزمن الحاضر.

تبدو الحقيقة فى تقديرى غير ذلك. فمنسوب الأخلاق منخفض بين البشر فى كل العصور، ومساحات القبح فى علاقاتهم ببعضهم البعض تزيد على مساحات الجمال. يمكن أن نستدل على ذلك من العديد من آيات القرآن الكريم التى تتحدث عن تراجع الأخلاق عموماً لدى غالبية الأفراد داخل أى مجموع بشرى.

يقول الله تعالى: «وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ».. ويقول: «وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ».. ويقول: «وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ».. ويقول: «إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ».. وقس على ذلك آيات كريمة عديدة تؤكد على حقيقة انخفاض منسوب الأخلاق بين البشر، على اختلاف الأزمنة والأمكنة، وأن غالبيتهم هذا.. ولا ينجو من هذا التيار الغالب إلا الأقلية القليلة.

لذلك فلا تفكر فى منسوب التدين كمؤشر على منسوب الأخلاق داخل مجتمع معين. مؤكد أن المتدين الحقيقى يعتمد فى سلوكياته قيم الدين وأخلاقياته، وبالتالى يرتقى فى أدائه مع الآخرين، لكن كم من المتدينين تمكنت منهم المعانى الحقيقية للدين، وكم منهم يعد تدينه عملة مزيفة فى سوق كثر فيه المزيفون. لقد كان الإمام الحسين يقول: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم.. يدارونه ما دارت معايشهم.. فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون».. فتدين البعض يشبه العملة المزيفة التى سرعان ما يكتشف زيفها عند أدنى اختبار أو أقل ابتلاء.

العامل الأهم والأشد تأثيراً فى منسوب الأخلاق الإنسانية فى أى زمان أو مكان هو العرف. فابن آدم يمكن أن يخضع للأعراف الاجتماعية أكثر مما يخضع للدين. وكأن سلطان العرف أقوى من سلطان الدين. والعرف يشتمل على قائمة المعايير التى تحدد المقبول أو غير المقبول اجتماعياً فى سياق مجموعة بشرية معينة فى إطار زمكانى معين.

عندما كتب نجيب محفوظ رواية «القاهرة الجديدة» ليعبر فيها عن أحوال المجتمع المصرى فى الثلاثينات من القرن الماضى -أى منذ ما يقرب من 100 سنة من الآن- قدم لنا شخصيتين رسم من خلالهما الحالة الأخلاقية التى كانت تميز قطاعاً لا بأس به من المصريين حينذاك، سواء كانوا متعلمين أو أشخاصاً عاديين. الأولى هى شخصية محجوب عبدالدايم، الطالب بالسنة النهائية بكلية الآداب، الذى يؤمن أن أصدق معادلة فى الدنيا هى: الدين + العلم + الفلسفة + الأخلاق = طظ، لكن «محجوب» هذا الذى كان يدوس على كل القيم اهتز هزة عنيفة عندما انكشف أمام المجتمع وعرف الجميع شغلته!.. أما الشخصية الثانية فهى المعلم «شحاتة تركى»، والد إحسان شحاتة، الذى لم يتردد عن تقديم ابنته للباشا المرموق نظير المال، ويعتمد فى الحياة شعار: «قول يا باسط».

إنه اللعب على أعراف المجتمع أكثر من أى شىء.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قول يا باسط قول يا باسط



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab