رجل لا ينام

رجل لا ينام

رجل لا ينام

 العرب اليوم -

رجل لا ينام

بقلم - محمود خليل

أدى "الحجاج بن يوسف الثقفي" بشكل شديد الحزم والحسم مع خصوم الدولة الأموية، وعاش مخلصاً أشد الإخلاص للنظام الذي يخدمة "النظام الأموي"، وقد كتب في وصيته: "أنه لا يعرف طاعة إلا طاعة الوليد بن عبد الملك- الخليفة الأموي- عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث يوم القيامة".

وفي سبيل خدمة الأنظمة الأموية التي تقلب عليها، لم يرحم "الحجاج" أي معارض، حتى ولو كان فقيها، مثل الفقيه الكبير سعيد بن جبير، وغيره من الفقهاء الذين شاركوا في تمرد "ابن الأشعث".

لم يرحم الحجاج شيبة أو علم الفقيه "ابن جبير" وقتله، جزاءً لتمرده على ما رآه ظلماً يقع على يد بني أمية.

ولم يلبث الحجاج بعد ذلك إلا قليلاً، فمات هو الآخر، وكانت أكثر شخصية يناجيها في مرضه هي شخصية "سعيد بن جبير"، ويردد أمام من يحضر ليعوده في مرضه: "ويل لي من سعيد".

والحقيقة أن لعنة "سعيد بن جبير" لم تكن وحدها التي تطارد "الحجاج" في أيامه الأخيرة، وتصرف النوم عن عينيه، بل صرخات الكثير من المظلومين الذين حكم عليهم بالحبس، دون جريمة حقيقية ارتكبوها.

يذكر "ابن كثير" في كتابه "البداية والنهاية" أرقاماً ملفتة حول عدد من سجنهم "الحجاج"، ويشير إلى أنهم بلغوا ثمانين ألفاً، منهم ثلاثون ألف امرأة، وأن السجون عُرضت بعد الحجاج، فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفاً، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب.

وأظن أن في الأمر مبالغة، فهل يعقل أن يكون في مثل هذا الزمان 30 ألف امرأة في السجون بسبب معارضتهن للحجاج وللحكم الأموي، أو لأسباب أخرى؟ لا يخلو الأمر من مبالغة، لكن يبقى أنه أياً كان الرقم، فإن دائرة الاشتباه عند "الحجاج" كانت شديدة الاتساع، ولم تكن تفرق بين رجل وامرأة، وكان يدفع بالخصوم في السجن لأتفه الأسباب وأهونها.

ورغم محاولات كتاب التراث تجميل وجه "الحجاج" والحديث عن الخدمات التي أسداها للدولة الأموية، وكذا في خدمة القرآن الكريم، إلا أن أحداً منهم لم يستطع أن ينكر ما اتصفت به شخصيته من ظلم للناس، وأن وقته كان من أصعب الأوقات، التي مرت على المسلمين، تحت مظلة الحكم الأموي، يدلل على ذلك حديثهم المستفيض عن شماتة كبار معاصريه، حين مرض وأوشك على الموت.

فما أكثر ما كانوا يتناقلون أخبار مرضه وألمه وقلة نومه، وينظرون إلى ذلك كانتقام إلهي منه.

ليس ذلك وفقط، بل لقد امتد حبل الشماتة فيه حتى بعد أن رحل، فعن معمر عن ابن طاووس عن أبيه أنه أُخبر بموت الحجاج مرارا فلما تحقق وفاته قال "فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين"، ولما بُشّر الحسن البصري بموت الحجاج سجد شكرا لله تعالى، وكان مختفيا فظهر، وقال: اللهم أمته فأذهب عنا سنته، وحين أُخبر إبراهيم النخعي بموت الحجاج بكى من الفرح. وسبحان من له الدوام.. الملك القاهر فوق عباده.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجل لا ينام رجل لا ينام



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab