القرية الآمنة

القرية الآمنة

القرية الآمنة

 العرب اليوم -

القرية الآمنة

بقلم - محمود خليل

كلمة "قرية" في القرآن الكريم تعبر عن تجمع من الناس، يؤلف بينهم مكان، ويجمع بينهم فكرة أو رأي أو توجه معين. فالقرية تصور البشر حال اجتماعهم، فقد يجتمعون على ما ينفع ويطور ويدفع بأوضاعهم إلى الأمام، وقد يجتمعون على ما يضر بحياتهم وما يضلهم عن حقائق الأشياء.

وما أكثر القرى التي ضرب الله تعالى بها المثل على أحوال البشر وتقلباتهم، فمنها الآمن، ومنها الظالم، ومنها الضال المضل، ومنها من يدرك الحقيقة في اللحظة المناسبة، ومنها المتحايل، وهكذا.إذا بدأنا بالقرية الآمنة، فسنجد أن القرآن الكريم حدد لها مواصفات معينة، تستطيع أن تستخلصها من تأمل الآيات الكريمة التي تطرقت إلى الحديث عنها.

من ذلك الآية التي يقول الله تعالى فيها: "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان". في الآية عدد من المواصفات للقرية الآمنة.

أولها وأخطرها: سمة الحياة المطمئنة. ومعنى الاطمئنان كبير يتسع لكل ما يؤدي إلى استقرار الإنسان في حياته ومعيشته، والنظرة الهادئة المطمئنة إلى مستقبله ومستقبل أولاده. فالاطمئنان على المستقبل لا يقل أهمية عن الاطمئنان على الحاضر، والإنسان بحاجة إلى كليهما.

على سبيل المثال الشخص المطمئن على إمكانية الحصول على وظيفة تؤمن له عيشه إذا ترك وظيفة حالية يعمل فيها، يعيش مطمئناً، ويصعب أن يعتريه القلق على المستقبل، فتأمين سبل الحياة يمثل وقود الإحساس بالاطمئنان لدى الفرد والجماعة.

ثاني المواصفات التي حددها القرآن الكريم للقرية الآمنة: "الرزق الرغد"، ويعني الرزق السهل الذي لا يتطلب عنتاً أو تعباً كبيراً في الحصول عليه، وعكسه الرزق الضيق الذي يأتي بشق الأنفس، وطلوع الروح، وبالمنافسة المهلكة، والرزق الرغد أيضاً هو الذي يكفي صاحبه، ويغطي احتياجاته، ويفي بالتزاماته، مقابل الزرق الضيق الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

والمسألة لا تنطبق على الأفراد وفقط، بل تمتد إلى القرى والمدن وكافة التجمعات، فهناك مجتمعات يكون رزقها واسعاً، تغذيه ثروات حباها الله تعالى بها، وهناك مجتمعات أخرى تعاني الرزق الضيق.تأمل المشهد الذي تصفه الآية الكريمة التي تقول: "لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور". ها نحن أولاء أمام نموذج لمجتمع ينعم بالرزق الواسع الذي يتدفق على أهله من كافة الاتجاهات، فيأكلون ويحمدون ريهم على نعمته.

وعند هذا الموضع من الآية الكريمة تجد ثالث مواصفات القرية الآمنة والمتمثلة في "حمد الله".

أن يحمد الفرد أو المجموع الخالق العظيم. فذلك معناه ببساطة الوعي بنعمه وإدراك عطائه لهم، وليس المقصود بالحمد هنا أن يلهج اللسان بشكر الله، بل لابد من ترجمته في عطاء للآخرين، فالشكر عمل: "اعملوا آل داود شكرا".

وتشتمل الآية الكريمة أيضاً على رابع المواصفات التي تميز أهالي القرى الآمنة، والمتمثلة في الأمان الروحي الذي يتوازى مع الأمان المادي: "بلدة طيبة ورب غفور"، فالإيمان بالله أصل الطمأنينة في الدنيا، وجوهر الاطمئنان في الآخرة، فكيف يقلق من كان ربه غفوراً على دنيا أو آخرة؟

هكذا رسم القرآن الكريم خريطة القرية الآمنة التي تجمع ما بين أهلها خطوط الاستقرار، والرزق الواسع، وشكر الله بالعمل، والأمان الروحي.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرية الآمنة القرية الآمنة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله
 العرب اليوم - أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 11:21 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

جريمة مدبّرة ضد شقيق عمرو دياب

GMT 16:22 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"برشلونة يمدد عقد جيرارد مارتن حتى 2028"

GMT 16:01 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

ريهام حجاج تخوض تجربة جديدة وتعلن سبب غيابها سينمائياً

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يحذر اللبنانيين من التوجه إلى الجنوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab