طريق «المال»

طريق «المال»

طريق «المال»

 العرب اليوم -

طريق «المال»

بقلم - محمود خليل

الفقر والغنى حالتان متغيرتان من زمن إلى زمن، لكن العلاقة بينهما تظل ثابتة، فالفقير يمكن أن يصبح غنياً.. يقول الله تعالى: «إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ».. والغنى يصح أن يصبح فقيراً: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ». ويبقى أن العلاقة بين الغنى والفقير، أو الفقير والغنى تظل ثابتة، فالغنى يحكمه الغرور والاغترار بما يملك من مال، وأغلب الفقراء ينظرون إلى الغنى كشخص محظوظ، وأقلهم ينظر إليه كشخص مبتلى، لأنه سيسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه أمام الخالق العظيم. وقد حكيت لك كيف صوّر القرآن الكريم العلاقة بين الفقراء والأغنياء فى قصة «قارون» كبير أثرياء قوم نبى الله موسى.

ومن اللافت أن القرآن الكريم يتحدث عن الغنى كحالة خطر على الإنسان، تفوق فى تهديدها له فى الدنيا والآخرة ما يمكن أن يكابده من فقر، فالقرآن الكريم ينبه إلى أن الغنى قد يقود الإنسان إلى الطغيان.. يقول تعالى: «كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى».. ويقول: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادهِ لَبَغَوْا فِى الْأَرْضِ».. فالغِنى قرين الطغيان والجور والافتراء.. والتجربة البشرية تؤكد ذلك.. فما أكثر ما يطغى أثرياء الأفراد أو المجتمعات أو الدول على غيرهم من فقراء الأفراد والمجتمعات والدول.. فقليلاً ما تجد غنياً يحاول أن يبذل مما يملك فى سبيل إصلاح أوضاع الأقل قدرة أو ثروة.

لقد قدّم الله تعالى أمثلة ونماذج على العلاقة بين الثراء والطغيان، وما يترتب على الطغيان من فساد: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِى الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ». فأقوام مثل عاد وثمود وآل فرعون تمتعوا بمظاهر غنى لا تخطئها عين، وهى لم تؤدِّ إلى جعلهم نماذج للأمم أو الدول التى تسخّر قدراتها من أجل صالح الجميع، بل ولّدت لديهم إحساساً بفائض القوة قادهم إلى الطغيان، بما يترتب على الطغيان من فساد.

ليس معنى ذلك أن الإسلام يمتدح الفقر ويفضّله كحالة يتوجب أن تسود بين البشر، بل إنه يحاربه، وأولى أدوات حرب الفقر هى تحريض الأثرياء على الإنفاق والنهى عن الكنز، فهذه الثنائية التى تحمل الكلمة وعكسها «الإنفاق/ والكنز» تمثل أساساً من أسس محاربة الفقر، يضاف إليها النهى عن أكل أموال الناس بالربا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً»، أو أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الرشاوى وغيرها: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ».. والفقير مطالب فى الإسلام بالعمل والاجتهاد: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».

الحالة المثلى التى ارتضاها الإسلام للإنسان تأخذ أحد مسارين: المسار الأول: أن يفتح الله تعالى عليك من وسع فيرزقك الكثير من حلال، ثم ييسر لك الإنفاق منه فى مرضاة الله، فتنال بذلك ثراء الدنيا وحسن العاقبة فى الآخرة، والمسار الثانى هو حالة الستر، بأن يكفيك الله خبز يومك، وتبيت معافى فى بدنك، آمناً فى أسرتك. يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من بات آمناً فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق «المال» طريق «المال»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab