ثلاثية اليتم والحيرة والحاجة

ثلاثية "اليتم والحيرة والحاجة"

ثلاثية "اليتم والحيرة والحاجة"

 العرب اليوم -

ثلاثية اليتم والحيرة والحاجة

محمود خليل
بقلم - د. محمود خليل

واجه النبي صلى الله عليه وسلم عالم اليُتم منذ أن صافحت عيناه الحياة "ألم يجدك يتيماً فآوى"، فنشأ فاقداً للأب، لكن الله عوضه بحنان جده عبد المطلب، أما الأم آمنة فقد أودعته لدى مرضعة من بني سعد، مدفوعة في ذلك بعدة أسباب، أولها الجري على عادة قومها في أن تعهد الأم بطفلها إلى مرضعة، وثانيها العهدة بالنبي إلى من يربيه على فصاحة التعبير ودقته وحلاوته "أوتيت جوامع الكلم وربيت في بني سعد"، وثالثها البعد بصغيرها عن أوبئة مكة، وقد كان المكان حينها عرضة للأوبئة.

السنوات الأولى من عمر النبي كانت بعيدة عن حضن أمه، ولم يكن يتدفأ به إلا أيام الزيارة، وهي أيام معدودة، وحتى هذا الشعور الذي يدركه الطفل بحنان أمه بشكل خفي افتقده محمد صلى الله عليه وسلم، حين ماتت أمه وهو ابن ست سنوات.

وإذا كان النبي قد وجد بديلاً لحنان أبيه لدى جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، فقد عاش بحنين جارف إلى الأم، والإحساس بحنوها وعطفها، كان له أثر واضح في حنوه على المرأة (الزوجة والابنة) وعلى أمه الراحلة التي طالما بكى أمام قبرها، بل وعلى المرضعة التي أرضعته، فكان يفرش لحليمة السعدية ردائه لتجلس عليه حين يستقبلها، ويسأل الناس: من المرأة؟ فيقال لهم إنها أم النبي بالرضاعة، واستحال الأمر في النهاية إلى الحنو والعطف على المرأة ككل، وجعل الرفق والرحمة بها ضمن وصاياه الأخيرة قبل أن يلقى وجه ربه.

العطف الكبير الذي نعم به النبي في طفولته كان مصدره الجد عبد المطلب، والأعمام الذين كانوا يظلون الصغير بمحبتهم.

والملفت أن هذه التجربة الطفولية ولّدت لدى النبي عطفاً على كبار السن بانت بعد ذلك في جانب من تعاليم النبوة، وكان لليتامى حظ أيضاً من تعاليمه صلى الله عليه وسلم، وللصغار الضعاف عموماً.

يقول المفسرون أن معنى كلمة "ضالا" في قوله تعالى "ووجدك ضالاً" غفلة النبي صلى الله عليه وسلم عما يراد به من أمر النبوة، لكنك لو تأملت الآيات الكريمات من سورة الضحى: "ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى" فستجد أنها تعبر عن مراحل ثلاث مر بها النبي، أولها مرحلة اليتم الذي عاناه جنيناً ثم وليداً بوفاة أبيه ثم أمه، والمرحلة الثانية هي مرحلة الحيرة – فمعنى الضلال هنا أقرب إلى الحيرة - وقد ارتبطت بمرحلتي الطفولة والصبا اللتين عاشهما النبي في كنف جده ثم عمه، واحتار فيها الطفل وهو يجد نفسه بلا ظهير من أب أو أم يتعيش على توجيههما وحنانهما، فعوضه الله بالجد ثم العم، والمرحلة الثالثة واضحة وهي مرحلة الشباب والحاجة إلى العمل والمال لبناء البيوت ورعاية الأسرة، وقد أغناه الله فيها عن غيره.

مثلت ثلاثية اليتم وحيرة الطفولة والصبا وحاجة الشاب إلى أسباب الحياة عوامل ثلاث ساهمت في تشكيل شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بإرادة الخالق العظيم، فنسجت خريطة نفسه الشريفة لتصيب نصيباً كبيراً من الرحمة والعطف، والسعي إلى الهداية واحتواء البشر جميعاً، والشعور المرهف بالآخرين، والرغبة الأكيدة في إسعادهم في الدنيا والآخرة: "فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثية اليتم والحيرة والحاجة ثلاثية اليتم والحيرة والحاجة



العبايات بحضور لافت في أناقة الملكة رانيا

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 16:53 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تتألق بزي سعودي تراثي في مهرجان «واو» بالرياض
 العرب اليوم - هيفاء وهبي تتألق بزي سعودي تراثي في مهرجان «واو» بالرياض

GMT 16:29 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يتعهد بوقف حرب السودان بدعم سعودي–إماراتي–مصري
 العرب اليوم - ترامب يتعهد بوقف حرب السودان بدعم سعودي–إماراتي–مصري

GMT 06:51 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرار رسمي بوقف عمل الإعلامية بسمة وهبة ومنعها من الظهور
 العرب اليوم - قرار رسمي بوقف عمل الإعلامية بسمة وهبة ومنعها من الظهور

GMT 00:11 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيمي يتسلم جائزة أفضل لاعب أفريقي وهو على السكوتر
 العرب اليوم - حكيمي يتسلم جائزة أفضل لاعب أفريقي وهو على السكوتر

GMT 17:35 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب
 العرب اليوم - دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب

GMT 08:32 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مذكرات هاشم فؤاد!

GMT 08:21 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

في اليوم العالمي للفلسفة: في البدء كانت الحكمة!

GMT 19:39 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تهديدات قانونية محتملة تطال بيل وهيلاري كلينتون

GMT 08:13 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وقرر مجلس الأمن

GMT 08:17 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يواصل انخفاضه وسط آمال تحقيق السلام في أوكرانيا

GMT 08:24 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا مَنّ في مجلس الأمن ولا سلوى... ولكن

GMT 06:22 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العبايات بحضور لافت في أناقة الملكة رانيا

GMT 15:46 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تطلق ثلاثة أقمار اصطناعية جديدة لاستكشاف الفضاء

GMT 05:46 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صبحي يغادر مستشفى 6 أكتوبر بعد تحسن حالته الصحية

GMT 14:25 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حظر الحجاب في مدارس كوسوفو

GMT 06:51 2025 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرار رسمي بوقف عمل الإعلامية بسمة وهبة ومنعها من الظهور

GMT 14:05 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة العدو الإسرائيلي إلى 69,546 شهيدًا 170,833 جريحا

GMT 14:07 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 4 في غزة وسط شكوك حول وقف إطلاق النار

GMT 14:16 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انقطاع الكهرباء في أجزاء من باريس

GMT 14:33 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطلق أداة بحث علمي جديدة بالذكاء الاصطناعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab