الحالة الخشبية

الحالة الخشبية

الحالة الخشبية

 العرب اليوم -

الحالة الخشبية

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

يقول الله تعالى في الآية رقم (101) من سورة التوبة: "وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم".

تحكي الآية كما هو واضح من معانيها المباشرة عن المنافقين الذي ظهروا داخل المدينة أو بين القبائل التي تعيش على تخومها، ذلك هو الحديث الخاص، أما الحديث العام فينصرف إلى نموذج بشري موجود في كل زمان ومكان لأشخاص تعودوا على النفاق وأبوا على أنفسهم العيش كأناس أسوياء لا تفرز ألسنتهم كلمات النفاق كما يفرز الكبد الصفراء، توعد الله هذا الصنف من البشر بعذاب مزدوج في الدنيا وفي الآخرة.

يتعلق عذاب الدنيا بأثر النفاق على صاحبه، حين ينافق هذا ومن بعده ذاك حتى يسمى عند الناس منافقاً، فلا يسمع منه أحد، ويتم تهميشه، وحذفه من سجلات الحياة.

ومؤكد أن حجم المرارة التي يشعر بها المنافق يكون كبيراً، حين ينزوي إلى جوار الحائط مثله مثل أي أذى يعترض طريق الناس، ليشعر لحظتها وكأنه ميت بالحياة، ووصف "ميت بالحيا" هو المصير المزعج الذي ينتظر الفرد أو المجتمع المنافق.. أما عذاب الآخرة، فتجد حديثاً عنه في الآية التي تقول: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار".

النفاق خطر داهم على الفرد والمجتمع، لأنه يعني ببساطة موت المشاعر داخل الإنسان، المشاعر تموت داخل النفوس حين يسكنها النفاق.

عندما يضرب النفاق مجتمعاً يتحول أناسه إلى مجموعة من الخشب المسندة.

فأول درس يتعلمه المنافق أن ينحي مشاعره وأحاسيسه نحو البشر الذين يتعامل معهم جانباً، فيداهنهم ويكذب عليهم ويمتدح حكمتهم في وقت يعتبرهم فيه أكثر خلق الله سذاجة، ويتغزل في رقتهم وهو الذي يراهم أفظاظاً غلاظاً.

العلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية التي يسودها النفاق ويسيطر عليها الكذب والمرواغة هي المقدمات الأولى لانهيار الأخلاق.

المنافق صورة بلا عقل، وجسد بلا روح، وشكل بلا مضمون، قد يعجبك منظره، ويجذبك كلامه، لكنك لا تعلم أنه ينيم من حوله منتظراً اللحظة التي تصبح فيها الأجواء مهيأة ليظهر شيطانه ليعيث في الأرض فساداً ويهتك كل الأخلاق ويرتكب أبشع الجرائم، المجتمعات التي يسودها النفاق يتحول فيها البشرإلى تماثيل فاقدة الإحساس ضائعة العقل.

وأشكال ووسائل ضياع العقل والإحساس عديدة: ونزع الكرامة أداة، وركل القيم ووطئها بالاقدام سبيل، وإعلاء المال على ما عداه من معطيات الحياة طريق سهل.

هذه الوسائل والأدوات والسبل والطرق تأخذ بيد صاحبها إلى الحالة التي يمكن وصفها بـ"الحالة الخشبية" يصير معها البشر مجموعة من الخُشُب المسندة "يحسبون كل صيحة عليهم".

قطعة الخشب لا عقل لها ولا إحساس ولا مشاعر، ولأنها كذلك فهي قابلة للتشكيل في أية صورة يرضاها صانعها، مثلها مثل المنافق الذي يجيد التشكل في الصورة التي يريدها عليه سيده، أياً كان هذا السيد (الزوج- الزوجة- الابن- الجار- الصاحب- الشريك- رئيسه في العمل)، انتظاراً للحظة معينة يطلق فيها قذائف نفسه الضائعة على هذا السيد.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحالة الخشبية الحالة الخشبية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
 العرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 09:25 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 تعيد تعريف الفخامة بجاذبية جريئة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab