بيزنس «التفاهة»

بيزنس «التفاهة»

بيزنس «التفاهة»

 العرب اليوم -

بيزنس «التفاهة»

بقلم - محمود خليل

 

كان للتحول الذي حدث للإعلام من مفهوم "الخدمة العامة" إلى مفهوم "الإعلام التجاري" -بالتزامن مع انتشار الفضائيات- أثراً كبيراً في دعم دوره كآلة من آلات نشر التفاهة، في سبيل قيمة وحيدة هي "المال".

إعلام الخدمة العامة معني بتقديم محتوى معلوماتي تثقيفي دون أن يغفل دوره في التسلية الهادفة.

وهو في كل الأحوال يراعي القيم المهنية المتعارف عليها من موضوعية، ودقة، وتوازن، والتزام بتدقيق كل معلومة يدفع بها إلى الجمهور، ولأنه إعلام يعمل في خدمة المجتمع، فإن المجتمع هو الذي يتولى تمويله من الضرائب والتبرعات وغير ذلك.

أما الإعلام التجاري فيركز على الترفيه أكثر من غيره، وحتى حين يقدم المعلومة فإنه يضعها في غلاف "ترفيهي"، ويعتمد على تقديم موضوعات "متبلة" بالإثارة والمبالغة، بحيث تجتذب الجمهور، ولا يعنيه كثيراً الثقافة أو التنوير، لأن هذا النوع من المحتوى لا يوجد طلب عليه، بل الطلب الأعلى دائماً على "التفاهة"، بعد أن تعود الجمهور عليها وفسد ذوقه، ولم يعد يتذوق المحتوى الجيد.

والمدافعون عن حمولة التفاهة التي يعتمد عليها الإعلام التجاري بمقولة أن "الجمهور عاوز كده" يهملون أن الناس تقبل على الجيد وتهتم به حين تجده، وحين يسلط الإعلام الضوء عليه، يكفي أن نستشهد في هذا السياق بطالبة كفر الشيخ التي احتلت المركز الأول في نتيجة الشهادة الإعدادية على مستوى المحافظة، رغم صعوبة الظروف المعيشية التي تحيا في ظلالها، بسبب خلافات عائلية بين والدها ووالدتها.

الناس اهتمت بقصة الطالبة وتابعتها واحتفت بها، ما يعني أنهم على استعداد للتفاعل مع الجيد إذا وجدوه، لكن الإعلام التجاري هو الذي يهمله ويسطحه إذا وجده، بل ويتفهه إن استطاع في سبيل رفع معدلات المشاهدة أو المرور على مواقعه الالكترونية.

البحث عن المال عبر الاعلانات، أو عبر غيرها، داخل الإعلام التجاري صار آلة كبرى لنشر التفاهة، بعد أن أصبح العمل الإعلامي في حد ذاته تجارة. فبعض البرامج -خصوصاً على قنوات بير السلم- يتم أحياناً تأجيرها لضيوف، وبعض الاعلاميين تحولوا إلى مندوبين للجهات التي تشكل مصادر بالنسبة لهم داخل وسائل الإعلام التي يعملون فيها.

ولك أن تتخيل حجم التفاهة التي يمكن أن تترتب على مثل هذه الممارسات.. فالتافهون وحدهم هم من يدفعون من أجل الظهور في وسائل الإعلام، والسيطرة على المحتوى الخاص بجهة معينة، عبر الترتيب مع العاملين في وسائل الاعلام، يعني إعلاء قيمة التغطيات التافهة للإنجازات الوهمية.لقد أدى التحول الذي طرأ على صناعة الإعلام، حين باتت جزءاً من صناعة الترفيه، إلى غلبة التفاهة على محتواها، وجعلها أداة لتتفيه العديد من الأشياء ذات القيمة، وكان لدخول رجال الأعمال إلى هذه الصناعة أثر سلبي في هذا السياق.

ولا أجدني بحاجة إلى تذكيرك بأن مشاهير ملاك العديد من القنوات الفضائية كان أصل استثماراتهم في مجال الترفيه، وانتقلوا منه إلى توظيف جزء من استثماراتهم في مجال الإعلام.الترفيه في حد ذاته جزء من وظائف الإعلام، لكن الأمر يختلف حين يصبح "بيزنس" الإعلام، وحين يأتي خالياً من القيمة، لحظتها يتحول إلى تفاهة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيزنس «التفاهة» بيزنس «التفاهة»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab