«جرّة» المتسول

«جرّة» المتسول

«جرّة» المتسول

 العرب اليوم -

«جرّة» المتسول

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

فى كتاب «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم» عبّر الكاتب «إدوارد لين» عن دهشته من الحجم الكبير من المتسولين الذين يسرحون فى أنحاء «المحروسة» خلال العقد الثالث من القرن التاسع عشر، وتندّر على حكاياتهم التى لا تختلف كثيراً عن الحكايات التى تطالعها اليوم حول هذا المتسول أو ذاك الذى مات فاكتشف من حوله أنه كان يرقد على ثروة كبيرة.

من ذلك على سبيل المثال تلك الحكاية التى يقصها «لين» عن متسول كانت لديه ابنة صغيرة يسرح معها على مدار اليوم، ويمد يده لكل عابر طريق، أو تاجر يقف أو يجلس أمام دكانه، ويسأله قطعة فضة أو وجبة عشاء أو رغيف عيش وهكذا. وكان له صديق تركى يعمل شحاذاً هو الآخر، وكان من عادة المصرى أن يدعو صديقه التركى للعشاء وتدخين «الحشيشة»، بعد أن ينتهيا من ساعات عملهما.

وذات يوم غاب المصرى عن البيت فى أمر ما، وترك ابنته وحيدة، ذهب التركى كعادته كل ليلة ليلتهم وجبة العشاء ويدخّن مع صديقه، فلم يجده، رحّبت به الابنة ودعته إلى الدخول، وأخبرته بأن أباها ذهب لمشوار وسوف يعود، وقد يلحق بهما على العشاء.

جلس التركى وابتلع الأطباق التى قُدّمت له، ثم جمعت الفتاة الأطباق وشرعت فى غسلها.. وبينما كانت تفعل ذلك همّ «التركى» بالقيام ليعود إلى بيته، فإذا بيده تصطدم بجرة، فوقعت واندلقت منها على الأرض أكياس من المال، بلغت 110 أكياس (أى حوالى 550 جنيهاً). وهذا المبلغ فى ذلك الزمان لم يكن يملكه إلا كبار الأثرياء.استولى «التركى» المتسول على خبيئة صديقه المتسول المصرى، وفرّ من المنزل.

عاد صاحب الخبيئة فاكتشف ما حدث، فهرول إلى القلعة واشتكى التركى واتهمه بالسرقة، فقُبض على الأخير، واعترف بعملته، وكان قد صرف جزءاً يسيراً من المبلغ، فتم رد الباقى إلى صاحبه، وعُوقب السارق بالحرمان من التسول فى ما بعد!.تشير العقوبة إلى أن التسول فى ذلك الزمان مثّل حالة عادية من الحالات التى يمكن أن يكون عليها أفراد الطبقات الدنيا من أبناء المجتمع، وأن الحكومة لم تكن تجد فيه مانعاً، بل وترى أن المال الذى جمعه الشخص بالتسول هو حق خالص له.والدليل على ذلك أنها ردّت المال إلى المتسول، ولم تصادره.

زاد عدد المتسولين فى شوارع مصر فى تلك الفترة إلى حد دفع «أدوارد لين» إلى القول إن السواد الأعظم من الجنسين من أبناء الطبقات الدنيا فى القاهرة وغيرها من المدن كانوا يجنون رزقهم بالتسول، وكان يرى أن أغلب هؤلاء كانوا يستسهلون التسول الذى يمكّن صاحبه من جمع مال كثير بمجهود قليل، وأن أغلبهم أفاكون يرتدون الأثواب البالية وهم يملكون فى الحقيقة الكثير من المال.

أشياء كثيرة اختلفت فى مصر عند الانتقال من القرن التاسع عشر إلى العشرين، وعند الانتقال من العشرين إلى الحادى والعشرين، لكن مشاهد التسول بقيت فى صور جديدة كثيرة.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جرّة» المتسول «جرّة» المتسول



GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab