أنت صخر أم بشر

أنت صخر أم بشر؟

أنت صخر أم بشر؟

 العرب اليوم -

أنت صخر أم بشر

بقلم - محمود خليل

 

فى قصة «عبدالله البرى وعبدالله البحرى» -ضمن قصص «ألف ليلة وليلة»- تلجأ الساحرة «شواهى» إلى ضرب عبدالله البرى بسحرها، فتحول نصفه الأسفل إلى حجر، ويظل الأعلى حاملاً لصفة البشر. كل عام كانت تأتى لتجلده بنبات مسحور حتى يحتفظ بصورته نصف البشرية ونصف الحجرية وهى تردد: «يا حجر يا حجر.. أنت صخر أم بشر.. لا مناص لا مفر».

حل مشكلة هذا المسكين كانت تحتاج إلى قتل الساحرة الشريرة «شواهى»، وهو حل يرقى إلى مرتبة المعجزة، لكنها وقعت، فقُتلت «شواهى»، وبرأ عبدالله البرى من سحرها، وعاد إلى صورته البشرية.

بعض البشر لا يحتاج إلى سحر شرير -مثل سحر «شواهى»- حتى يتحجر شىء فيه، فمن الناس من تجدهم بحال عبدالله البرى بطيئى أو معدومى الحركة وكأن أكياساً من الرمال معلقة فى سيقانهم، أو صخور جبلية تقعدهم إلى الأرض.

وهناك من تتحجر عقولهم، فتصبح عاطلة عن التفكير، جامدة على ما ترى، لا تريد أن تبصر حركة الدنيا والعالم من حولها، لتعيد النظر فيما جمدت عليه من أفكار، تجاوزها الواقع ودهستها عجلة الزمن.

وهناك من تتحجر قلوبهم، فتجف دماء الإحساس فيها، فترى الظلم من حولها، والقهر يعشش حتى أركان بيوتها، ومع ذلك لا يهتز لها جفن، أو يضطرب لها قلب.. فأنّى تهتز وهى لا تشعر أو تحس؟

الله تعالى وصف متحجرى الخطوة بالقاعدين.

وقد جاء ذلك فى سياق التوجيه القرآنى للمؤمنين بالنفرة للدفاع عن الحق وحماية المستضعفين: «انفِرُوا خِفَافاً وثِقَالاً»، فمال مجموعة من أتباع النبى، صلى الله عليه وسلم، إلى الاعتذار عن ذلك، وتثاقلت أقدامهم عن السير فى طريق الحق، فآل بهم الأمر إلى القعود مع القاعدين من العجزة الذى لا يقوون على السير: «ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين».. أغلب متحجرى الخطوة هم من المنافقين الذين يمكن أن تسمع منهم رواية فى حالة العافية، يطنطنون فيها بالكلام «المعسول»، وعند الاختبار تسمع منهم رواية أخرى أساسها القعود، بل وتثبيط من يريد التحرك.

ولو جئنا إلى متحجرى العقول المتجمدين على ما يرون فسنجد أن القرآن الكريم شبههم تشبيهاً عجيباً وذلك فى قوله تعالى: «واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث».

تشبيه شديد الدلالة، يستحق التأمل فى حال أصحابه من البشر الجامدين المتجمدين على ما يمليه عليهم هواهم.

أما متحجرو القلوب فقد جاء ذكرهم فى الآيات الكريمة التى تقول: «ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون».. تصور الحال حين تتفوق الحجارة فى الإحساس والشعور على القلوب.. أى نوع من البشر هؤلاء الذين تتحجر قلوبهم بهذه الصورة؟

لو أردت أن تتعرف على نماذج من متحجرى الحركة والعقول والقلوب فأمامك المشهد المتوحش الذى يعيشه أهل غزة.. فتِّش فيه وستجد.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت صخر أم بشر أنت صخر أم بشر



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 العرب اليوم - الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab