المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

 العرب اليوم -

المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

خبرٌ مثيرٌ صادرٌ من البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي يشير إلى تغيير القانون الذي يجرّم زراعة الحشيش والاتجاه إلى تشريع زراعة «الحشيش» أو القنب الهندي في لبنان، ومعروف أن أكبر المستفيدين من زراعة الحشيش والمخدرات في لبنان هو «حزب الله» اللبناني التابع لإيران، وعلاقة الأصوليين من جماعات الإسلام السياسي، سنة وشيعة والإرهابيين من تنظيمات العنف الديني، بالمخدرات والجرائم وتشريعها واستخدامها وترويجها والتجارة بها، واحدة من أهم القصص التي يجب أن تروى.

الأصوليون المتطرفون والإرهابيون المجرمون من السنة والشيعة في الإسلام، تجمعهم عقيدة واحدة وغايات مشتركة، ومبادئ متشابهة تجتمع كلها في ترسيخ مبدأ الوصول للسلطة بأي طريقة وبأي ثمنٍ، وأن كل محرمات الإسلام الكبرى والصغرى مباحة حين تعيق هذا المبدأ الأساس، الذي يحرك كلَّ خطاب وفكر وآيديولوجيات الإسلام السياسي الحديث.

حسن البنا دافع عن صهره دفاعاً مستميتاً، بعدما تأكَّد من قيامه باغتصاب سيدات أعضاء في جماعة الإخوان، وكان ينظّر للاستعداد ليوم الدم وينشئ نظام الجوالة للتدريب العسكري والنظام الخاص أو السري لقتل الخصوم وتصفيتهم بالاغتيال أو التفجير أو بأي طريقة كانت، والخميني أصبح رمزاً عالمياً لبشاعة الآيديولوجيا المسيّسة بعدما أعدم الآلاف من شركائه في الثورة، ولم يتورع يوماً عن مجازر تحصد الآلاف المؤلفة من البشر لمجرد الشك فيهم، أو إحساسه بتهديدهم لدولته وسلطته ونظامه الثيوقراطي.

معلومٌ أن المذاهب المعتمَدة في الإسلام لها آراء فقهية تفرضها عليها بيئتها ومناطق انتشارها ومدرستها المستقرة كما تحدث بعض الفقهاء عن التمييز بين بعض الأقطار الإسلامية، وإباحة بعض المحرمات فيها بناءً على اجتهادات مدارس الفقه في تلك البلدان، غير أن الأمر في هذا السياق مختلفٌ فجماعات الإسلام السياسي ليست لها قواعد فقهية ثابتة، ولا مدارس فقهية معتبرة، بل مبدأها الراسخ هو الوصول للسلطة، وإنْ بارتكاب كل المحرمات الكبرى في الإسلام بلا اجتهاد ولا بحثٍ عن الحقيقة بل لمجرد خدمة الغاية السياسية.

المخدرات في هذا الزمن سلعة غالية الثمن، وهي تشكل دخلاً عالياً لكل من يتاجر بها ولضمان تدفقاتها المالية العالية، فإنَّ الغالبية الكبرى من جماعات الإسلام السياسي وتنظيمات العنف الديني تعمل في هذا المجال المجرّم دولياً والمحرّم دينياً بناءً على فتاوى تنظيمية نفعية لا علاقة لها بالإسلام ولا بمبادئه، بل لأجل براغماتية محضة تحكم هذه الجماعات ورموزها وأتباعها.

ومن هنا فثمة ارتباط كبيرٌ وواسع جداً على مستوى العالم بين جماعات الإسلام السياسي وبين عصابات المافيا وتهريب المخدرات حول العالم، ومن الدول التي حكمتها جماعات الإسلام السياسي وعملت في مجال تجارة المخدرات، إيران بعد حكم نظام الولي الفقيه، وأفغانستان بعد حكم «طالبان»، والسودان بعد حكم جماعة الإخوان المسلمين.

هذا على مستوى الدول، أما على مستوى الأحزاب والجماعات والتنظيمات فقد كان لـ«حزب الله» اللبناني دورٌ بارزٌ ومعروف على المستوى الدولي في تهريب المخدرات وتجارتها، والمعلومات موثّقة في أوروبا وأميركا ودول أميركا الجنوبية وغيرها، كما أن تنظيم «القاعدة» كان يتاجر بالمخدرات مع «طالبان» ويستفيد من أموالها في عملياته الإرهابية التدميرية، وتبعه على ذلك تنظيم «داعش» الذي حصد الأموال الطائلة من وراء تلك التجارة.

وكانت هذه الأحزاب والجماعات تستخدم المخدرات لدفع أتباعها الصغار إلى الإقدام على العمليات الإرهابية والانتحارية، من دون خوفٍ بسبب أنواع المخدرات التي تُعطى لهم حتى من دون أن يشعروا، أو إفتائهم بأنها جائزة وربما مستحبة لتحقيق أهداف الجماعة، وأن في ذلك خدمةً للإسلام والمسلمين، وهو ما لم يقل به أحد من الفقهاء من قبل في تاريخ الإسلام، إلا لدى بعض الفرق الأقلوية الهامشية التي لا قيمة لها مثل جماعة ابن الصباح ونحوها.

تجارة النظام الإيراني بالمخدرات وترويجها والتعامل مع عصاباتها ومافياتها المسيطرة على أسواقها حول العالم، جعلت هذا النظام قادراً على تزويد كل الأحزاب والجماعات التابعة له في المنطقة بالمخدرات، وغير كل ما سبق تكفي دراسة نموذج ميليشيات الحوثي في اليمن التي غرقت وأغرقت أتباعها والشعب اليمني لا في تجارة المخدرات فحسب بل في استخدامها وإدمانها وترويجها بين الناس، وهذه في حد ذاتها جريمة لا تُغتفر.

جماعات الإسلام السياسي بما أنها محظورة لدى العديد من الدول، فإنها سعت ولعقودٍ طويلة إلى بناء علاقات وطيدة بكل منظمات الجريمة، من مخدرات إلى سلاحٍ وتهريب وقتل وتفجيرٍ بسبب المصالح المشتركة التي تقوم على استباحة الجريمة ومخالفة الأديان والقوانين المعتبرة في كل دولة، والقوانين الدولية بشكل عامٍ.
فلنتخيل موقف هذه الجماعات من فيروس «كورونا» لو كانت تمتلكه أو تمتلك مثله كسلاحٍ بيولوجي فتاك، هل كانت ستتورع عن استخدامه ضد خصومها؟ ولو امتلكت سلاحاً نووياً هل كانت ستتورع عن استخدامه؟ الجواب بالتأكيد هو: لا، بل ستبادر إلى ذلك بأسرع ما تستطيع، ويكفي هنا تصريحات تيارات ورموز وكوادر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تعمل من تركيا وقطر لأتباعهم المصابين بفيروس «كورونا» إلى نشره بين قوات الجيش والأمن وبين المواطنين الآمنين بغرض الإضرار البالغ بالدولة المصرية والشعب المصري.

وهذا دأب هذه الجماعات منذ إنشائها، وقد اقترح إخواني كويتي في محاضرة مصورة بعد جريمة تنظيم «القاعدة» النكراء في أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، على التنظيم أن يهرّبوا مادة «الإنثراكس» كما سمّاها، من المكسيك، ووضعها في خزانات المياه في لوس أنجليس ليتم قتل ملايين البشر الأبرياء العزل المساكين من دون أن يرف له جفنٌ.

من يقرأ أدبيات هذه الجماعات ورموزها ومن يتابع أخبارها وعملياتها الإرهابية، يعرف بسهولة أن هذه الجماعات لا تعني لها القيم الإنسانية الحديثة أي شيء، وهي على أتمّ الاستعداد لارتكاب أبشع الجرائم، ما دامت تحقق أهداف هذه الجماعات السياسية، ولولا خشية الإطالة لتم عرض العديد من الكتب والفتاوى والعمليات التي توضح هذا الأمر بكل جلاء، وهو عموماً ما يعرفه الباحثون والمراقبون جيداً دون مزيد عناء.

أخيراً، فإن كانت المخدرات والسرقة والاغتصاب والقتل ونحوها جرائم في كل الأديان والقوانين والفلسفات فإن جماعات الإسلام السياسي تستبيح ذلك كله وأكثر، وباسم الله والدين والمذهب للأسف الشديد.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتطرفون والمخدرات و«كورونا» المتطرفون والمخدرات و«كورونا»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab