صوت المعركة وصوت العقل

صوت المعركة وصوت العقل

صوت المعركة وصوت العقل

 العرب اليوم -

صوت المعركة وصوت العقل

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» شعارٌ تم الترويج له نهاية الستينيات الميلادية، وكان يراد به إخماد كل الأصوات الناقدة للهزيمة التي طالت مصر والعرب عموماً وأصبحت تسمى زوراً بـ «النكسة» لتخفيف وطأتها لدى الأتباع. بعد ذلك ولأكثر من خمسين سنةً مرت بالشعوب العربية أصواتٌ كثيرةٌ مرفوضة وصوتٌ واحدٌ هو الذي يجب أن يبقى، واختلف نوع الصوت الذي لا يعلى بحسب الجهة والتيار الذي يرفع الشعار في كل مرحلةٍ زمنيةٍ، والأصوات التي يراد إسكاتها كانت متنوعةً مثل «صوت العقل» و«صوت الحكمة» و«صوت المصالح».

في نهاية الستينيات وما بعدها، كان القوميون يهتفون «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» أي المعركة مع إسرائيل، تلك التي خسروها، ولكنهم تركوا إسرائيل وتفرغوا لمهاجمة الدول العربية والتآمر عليها ويهتف زعماؤهم ويكتب مفكروهم ويروّج صحافيوهم أنه يجب القضاء على «الرجعية العربية» ففشلوا هم وبقيت الدول العربية.

في الفترة نفسها، في نهاية الستينيات بدأت تبرز على السطح تيارات كانت تعتمل داخل المجتمعات قبل ذلك لعقودٍ، وهي تيارات الإسلام السياسي وجماعاته وتنظيماته فيما عرف لاحقاً بـ «الصحوة الإسلامية» وكان من شعارات منتسبي هذه التنظيمات أنه «لا صوت يعلو فوق صوت الحق» وإن بصيغٍ متعددة، وتركوا إسرائيل وأخذوا يكفرون الأنظمة السياسية العربية والمجتمعات العربية، عبر مفاهيم «الحاكمية» و«الجاهلية» و«الجهاد» والذي هو «فرض عين» منذ سقوط الأندلس، وأصبحوا يروجون لنظرية «جهاد العدو القريب أولى من جهاد العدو البعيد» فتوجهت جماعاتهم وتنظيماتهم لنشر التفجيرات والاغتيالات والإرهاب داخل الدول العربية بوصفها «العدو القريب».

ومن ضمن هؤلاء خرج «المقاومون» ليعبروا عن صيغةٍ طائفيةٍ مذهبيةٍ تعبر عن «توحش الأقليات» وتصنع «الميليشيات» وتدعم «تنظيمات الإرهاب» خدمةً لطموحات التوسع وبسط النفوذ المختلطة بإرث إمبراطوري غابرٍ، وأصبحوا يهتفون أن «الطريق إلى القدس» يمرّ بعواصم الدول العربية التي يهاجمونها وينشرون الخراب والدمار فيها، فالطريق إلى القدس يمر بـ «بغداد» و«دمشق» و«بيروت» و«صنعاء» وبغيرها من العواصم التي لم ينجحوا فيها بعد. حين تجر بعض الفصائل الفلسطينية الويلات على شعب غزة فإنها تصنع ذلك لعيون «المقاومة» لا لعيون «القضية» بمعنى أنه تفعل ذلك خدمةً لأجندةٍ طائفيةٍ أصوليةٍ توسعيةٍ لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية ولا بالشعب الفلسطيني، فتحولت «فلسطين» من «غاية» في الشعارات والحشد والتهييج إلى «وسيلةٍ» و«أداة» في الصراع الإقليمي. في كل تيارٍ من هذه التيارات أدبياتٌ مطوّلةٌ، من نظرياتٍ وأفكارٍ، ومفاهيم ومبادئ، وكتبٍ ومقالاتٍ، وقصائد ورواياتٍ، ولكل تيارٍ رموزٌ وقادةٌ، وصحفٌ ووسائل إعلامٍ، من القوميين ومن معهم من اليسار إلى تيارات الإسلام السياسي والصحويين الأصوليين وصولاً إلى الطائفيين «المقاومين» و«الممانعين» وهي أدبياتٌ لم يسلط عليها النقد العلمي الصارم ولم تتم مواجهتها بصراحةٍ ووضوح.

هذه التيارات، كلٌ في حينه، كانوا يفتعلون الأزمات والحروب والمعارك، ثم يحذرون الجميع من نقدهم أو رفض «مغامراتهم» غير المحسوبة اختباء خلف «القومية» أو «الدين» أو «المقدس» ويرفعون شعارات «التخوين» أمام كل سياسةٍ مختلفةٍ أو نقدٍ رصينٍ، وذلك تحصيناً للقرارات والتوجهات الرعناء من أن يتم فضحها لدى عامة الناس والجمهور المغرر به.

أخيراً، فإنه من العجيب حقاً استجابة بعض وسائل الإعلام لمثل هذه الطروحات، والامتناع عن نشر النقد حتى ولو كان ناعماً لمثل هذه التوجهات عبر أزماتٍ متعددةٍ ومستمرةٍ على مدى عقودٍ من الزمن، والنقد الصارم في أوقات الأزمات أكثر وقعاً في العقول منه في غيرها من الأوقات.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت المعركة وصوت العقل صوت المعركة وصوت العقل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab