«انصروا الرسول قاطعوا فرنسا لا تركيا»

«انصروا الرسول... قاطعوا فرنسا لا تركيا»

«انصروا الرسول... قاطعوا فرنسا لا تركيا»

 العرب اليوم -

«انصروا الرسول قاطعوا فرنسا لا تركيا»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

نصُّ القرآن الكريم صريحٌ في أن الله قد كفى رسوله صلى الله عليه وسلم المستهزئين، وشتمه والاستهزاء به لا ينقصانه شيئاً ولا يقللان من شأنه بحالٍ، وتوقيره ومحبته في اتباعه لا في نشر الفتن والإرهاب تحت شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
الحملة ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضد فرنسا هي حملة إخوانية تماماً، وهي نموذج صارخ لمنهج جماعات الإسلام السياسي في استخدام الدين لخدمة السياسة، وخديعة الجماهير وتهييج الناس ونشر الفوضى والإرهاب.
الجمهورية الفرنسية جمهورية علمانية صرفةٌ، تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان والمعتقدات، ومَن اتخذها وطناً يفترض به معرفة أساسها ومبادئها واحترامها والتعايش معها، ويبقى خيار مغادرتها خياراً حراً لكل شخصٍ يرفض طبيعتها، وما تفعله جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين هناك هو عملٌ سياسيٌ بحتٌ لا علاقة له بالإسلام كدينٍ سماوي كريم.


«ما يضر البحر أمسى زاخراً أن رمى فيه غلامٌ بحجر»، كما هو بيت الشعر الشهير، والصحف في فرنسا تتماشى مع مبادئها في الحرية، وهي لا تسيء للرسول فقط، بل لكل الرسل والديانات على حدٍ سواء، وهذه حماقة لا داعي لها، ولكنه الالتزام بالمبادئ التي اختارتها فرنسا لنفسها بعد نجاح ثورتها التاريخية الشهيرة.
فرنسا في صراعٍ سياسيٍ مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في العديد من الملفات الساخنة في المنطقة، وفي أوروبا، ومنها الملف الليبي وملف شرق المتوسط كمثالٍ، وإردوغان هو الصوت الأعلى للدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين المصنّفة إرهابيةً في أهم الدول العربية، ومدعومٌ مادياً من دولة قطر، والاقتصاد التركي يعاني تحت قيادة إردوغان فشلاً تاريخياً ذريعاً، هذه حقائق.


تعرضت تركيا في الفترة الأخيرة لحملة شعبية لمقاطعة منتجاتها في المملكة العربية السعودية بسبب ارتفاع الوعي الشعبي بسياسات تركيا المعادية للسعودية ودول الخليج والدول العربية، وهي مقاطعة موجعة للاقتصاد التركي وموجهة لإردوغان وجماعة الإخوان الداعمة له لا للشعب التركي، وجاء خطاب الرئيس ماكرون المتكرر فرصة للقضاء على حملة مقاطعة تركيا بحملة مقاطعة فرنسا، والشعار المرفوع هنا هو «الدفاع عن رسول الله»، زعموا.


والسؤال هنا: هو ماذا تستفيد جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي من حملاتٍ كهذه ضد فرنسا وغيرها؟ والجواب له أوجه متعددةٌ، منها إنعاش الاقتصاد التركي بعد فشله بوصفه الداعم الأكبر لإرهاب الإسلام السياسي و«القاعدة» و«داعش» لدعم إردوغان، ومنها (أيضاً) خلق قضية لشدّ عصب التنظيمات وبخاصة بعد تصنيفها إرهابيةً، والاختباء تحت شعار الدفاع عن الرسول الكريم لإحراج الدول في عدم ملاحقة عناصر هذه التنظيمات المتطرفة، فالهدف خدمة التنظيم والجماعة لا خدمة الإسلام ولا الدفاع عن الرسول.كثيرٌ من المثقفين والكتّاب فضلاً عن عامة الناس لا يمتلكون وعياً قوياً تجاه الإسلام السياسي خطاباً وجماعاتٍ، وبالتالي فمن السهل للأسف أن ينساقوا خلف مثل هذه الحملات المنظمة اعتقاداً بأنها حملاتٌ عفويةٌ تعبر عن غضب شعبيٍ، والأمر ليس كذلك، وكشف مثل هذا التلاعب في استخدام الإسلام أداةً سياسيةً هو واجبٌ على كل من يمتلك الوعي ويتحلى بالمسؤولية.


فرنسا مقصرةٌ دون شكٍ مثلها مثل العديد من الدول الغربية في رفضها اتخاذ موقفٍ صارمٍ تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وترك الحبل لها على الغارب لعقودٍ طويلةٍ، وذلك لمصالح سياسيةٍ وعلاقاتٍ مريبةٍ بين هذه الجماعة وبعض الدول الغربية، وعندما استيقظت فرنسا وأرادت اتخاذ خطواتٍ عمليةٍ لتخفيف شر هذه الجماعة ثارت هذه الحملة ضدها لأنها استهدفت الجماعة، وإن لم تستهدف الإسلام.
«الإسلام المُستفز» هو إسلام جماعات الإسلام السياسي وليس دين الإسلام، وقد تم شرح هذا المصطلح من قبل في هذه المساحة، وهو نسخة خلقتها جماعات الإسلام السياسي قبل بضعة عقودٍ فقط ولا علاقة له بالإسلام الذي جاء قبل أكثر من ألفٍ وأربعمائة عامٍ من تاريخ البشرية، هذه نقطة يجب إيضاحها وتكرارها حتى ترسخ في الأذهان.
مهاتير محمد الإخواني العتيد وشريك إردوغان في المحور الأصولي دعا لقتل ملايين الفرنسيين واضطر موقع «تويتر» لحذف تغريدته، وقتل مدرسٍ وقتل المدنيين الآمنين في نيس، ومهاجمة متطرفٍ لجنديٍ مسلمٍ في جدة، جميعها تعبّر عن مستوى الجنون والتحريض الذي وصلت له هذه الحملة الإخوانية المنظمة، وإلا فمتى كانت نصرة الرسول في قتل المسلمين والمدنيين؟


بكل موضوعية؛ فلولا تصنيف السعودية والإمارات ومصر وغيرها لجماعة الإخوان جماعة إرهابية ومحاكمة رموزها وضرب تنظيماتها لكان من السهل وصول هذا التهييج والتحريض لتفجيرات تخريبية تحت شعار الدفاع عن الرسول الكريم، ولئن كانت الدول الغربية معذورةً من قبل، فإنها بعد هذا التصنيف للجماعة من أهم الدول العربية لا تجد عذراً في التأخر عن تصنيف هذه الجماعة جماعة إرهابيةً، ولا الامتناع عن ملاحقتها قانونياً، قطعاً لمنبع الشر والإرهاب وانتصاراً للإنسان وحماية للبشرية.
فرنسا وبريطانيا وألمانيا من الدول التي تستفيد من وجود جماعة الإخوان المسلمين لعقودٍ من الزمن لتوظيفها ضد الدول العربية والمسلمة، والنتيجة هي هذا الإرهاب المتوحش تحت جميع الشعارات، ومن السهل اكتشاف أن الرئيس ماكرون عندما تحدث عن «الانفصال الشعوري» إنما قصد «العزلة الشعورية»، وهو أحد المفاهيم المتفجرة التي خلقها الإخواني المتطرف سيد قطب، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بدين الإسلام.


ومن أهداف هذه الحملة الإخوانية المنظمة التي ينبغي التنبه لها محاولة ترسيخ اسم إردوغان كقائد للإسلام وممثل وحيد له، وتأمُّل فتاوى رموز الإخوان المخجلة توضح أنهم يريدون جعل إردوغان «صحابياً» وتركيا «يثرباً» جديدة، وكم من ناقص عقلٍ مستعد لتصديق مثل هذه الترهات بعدما تمت تربيته عقوداً على خطاب جماعة الإخوان. من المهم في مثل هذه الحملة الإخوانية المنظمة رصد ردود فعل البعض لمعرفة التوجهات المخفية والميول التنظيمية وخطورة تغلغل الإخوان في الدول والمناصب. أخيراً، كتب الفقيه المستنير دكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلاماً مهماً في ظل هذه الأزمة المفتعلة من الإسلام السياسي قائلاً بكل وضوحٍ: «لا علاقة للدين الإسلامي بالإسلام السياسي الذي يُروّج له المتطرفون اليوم، وتدعمهم في مشروعه جهات خارجية تستهدف وحدة واستقرار دولهم الوطنية، سواء داخل الدول الإسلامية أو خارجها».

 

المصدر :

Wakalat | وكالات

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«انصروا الرسول قاطعوا فرنسا لا تركيا» «انصروا الرسول قاطعوا فرنسا لا تركيا»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab