مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم

مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم

مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم

 العرب اليوم -

مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لو سألتني قبل نحو عام: هل من الممكن أن تصبح مي فاروق نجمة في ساحة الغناء المصري؟ فكانت إجابتي ستأتي، وبلا أي لحظة تردد: «جمهورها مستحيل أن يتجاوز دار الأوبرا المصرية»، هذا الجمهور لا يقطع عادة تذكرة الدخول من أجلها تحديداً، ولكنه أساساً عاشق للتراث، وللطرب الذي بات شبه مفقود خارج جدران هذا المبنى الذي صار له في الذاكرة الجمعية ارتباط شرطي بكل ما هو أصيل ورصين. بين الحين والآخر، لو لمح هذا الجمهور المدقق خروجاً عن هذا المذاق والعبق التراثي، فستجده أول من يطارده ويطرده خارج الجدران.

هؤلاء الحراس هم من نطلق عليهم عادةً «السميعة»، يريدون الاستمتاع وليس مجرد الاستماع.

مي فاروق واحدة من أهم عناصر الفريق الحارس للتراث، قطعاً رواد الأوبرا المخضرمون لديهم قدرة على الانتقاء، وغالباً يفضلون مطرباً على آخر، عندما يصبح الرهان على الأكثر إجادة في تقديم تفاصيل دقيقة في فن الأداء، إلا أن الأمر يظل محصوراً في بضعة آلاف متذوق، هؤلاء مهما بلغ إخلاصهم لا يشكلون في النهاية جمهوراً قادراً على مؤازرة فنان ليصنعوا منه نجماً. الدار أشبه بأكاديمية فنية تستقبل المواهب منذ الطفولة وتصقلهم، وتتبنى من يستحق، ويظل الفنان محتفظاً بمكانته داخل تلك الحدود، ولا يستطيع القفز بعيداً عن الأسوار.

مي بدأت المشوار وهي طفلة في الثامنة من عمرها في كورال المايسترو سليم سحاب، القادر على التقاط المواهب الحقيقية وانتقاء السمين من الغث، ليغدو السمين من خلال توجيهاته ثميناً.

أعادت مي بصوتها كثيراً من أغنيات التراث، ولكن -كالعادة- ما رشق في قلوب الناس هو غناؤها لأم كلثوم.

بين الحين والآخر كانت تقدم «تترات» مسلسلات، مثل «الليل وآخره»، إلا أنها ظلت في السجل الفني مقيدة مطربة أوبرا، تعيد تقديم روائع الأنغام الشجية؛ خصوصاً تلك «الكلثومية».

مثل هؤلاء تمضي حياتهم غالباً في الظل، ولو تحقق لهم قدر من النجاح، مثل عبده شريف، المطرب المغربي الذي ارتبط بأغنيات عبد الحليم حافظ، وصفوان بهلوان السوري الذي صار لا يغني فقط مثل عبد الوهاب؛ بل عندما تلتقيه يشعرك وهو يحاورك وكأن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب الذي رحل عن عالمنا قبل أكثر من 30 عاماً، قد عاد مجدداً للدنيا، حتى ملامح وجهه وتعبيرات يديه أثناء الحوار، تعيدك لزمن عبد الوهاب بشحمه ولحمه ونبرات صوته. ومن المغرب أيضاً من ينطبق عليه هذا التوصيف، فؤاد زبادي عاشق المطرب الكبير محمد عبد المطلب. هؤلاء، وغيرهم كُثر، يكملون مشوارهم عادة في حدود تلك الدائرة، نجاح محاط بأسوار لا يتجاوزها، داخل دار الأوبرا وغيرها من الحفلات القاصرة فقط على ما نطلق عليهم توصيف النخبة.

مي فاروق بعد أن بلغت الأربعين من عمرها، كان القدر يعد لها طريقاً آخر، صارت واحدة من أهم الأصوات التي تشارك في أغلب حفلات هيئة الترفيه، وآخرها «جدة»، وبعدها تنتقل للغناء، إلى خمس محافظات أخرى. شاهدنا الجمهور السعودي بالآلاف يغني معها، محققاً أقصى درجات التماهي. هيئة الترفيه تضع عادة خطة طموحاً، حتى يستمر سهم المطرب في تصاعد، فهي ترسم طريق التألق لكل موهبة تنتقيها، ولا يعنيها جواز السفر، بقدر ما يستوقفها صدق الإحساس وخصوصية التعبير.

رأيت مؤخراً مي في حوار ممتع مع منى الشاذلي، وهي تستعيد عشرات من الأغاني التي شكلت وجداننا، حتى الإعلانات القديمة تذكرناها بصوتها. مي فاروق تحررت من سطوة أم كلثوم، تابعتها تغني رائعتها «إنت عمري»، وهذا المقطع الشجي «صالحت بيك أيامي، سامحت بيك الزمن». مي لن تعيش في جلباب أحد حتى لو كان سيدة الغناء العربي. حققت خلال عام واحد نجومية طاغية في الشارع العربي، والخطوة التي أراها قريبة جداً أغنيات خاصة بها ترى فيها ملامحها، وزمنها. صوت قادر وعفيّ بقدر ما يملك كل مقومات الإحساس والخصوصية. أراهن على أنها، في غضون أشهر، ستصبح بأغانيها الخاصة ورقة رابحة في حفلاتنا الغنائية!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم مي فاروق لم تعد تعيش في جلباب أم كلثوم



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab