«أرانب بالملوخية»

«أرانب بالملوخية...!»

«أرانب بالملوخية...!»

 العرب اليوم -

«أرانب بالملوخية»

بقلم - طارق الشناوي

من حسن حظي أنني التقيت بعدد من الكبار، كانوا هم في الأمتار الأخيرة من رحلة الحياة، وكنت أنا على «بلاط صاحبة الجلالة» أبدأ المشوار. لم أتعامل معهم بوصفي صحافياً يقتنص سبقاً للنشر، بقدر ما كنت أريد توثيق حقائق، وبعض مما سجلته لهم وجدت أنه غير قابل للتداول، ولهذا احتفظت به، ولا أزال، ولم أسمح إلا بنشر ما أشعر بأنه لا يجرحهم، ولا يضع أيضاً ورثتهم في حرج.

قبل بضع سنوات عندما كنت أستمع أو أقرأ رواية تتناقض مع ما قاله لي أحد الكبار، على الفور أكذب الواقعة، استناداً إلى أنني عرفت الحقيقة من مصدرها الأول.

مع الزمن، قد أجد شاهد عيان كان طرفاً في نفس الواقعة، رآها بزاوية مختلفة، يردد حكاية أخرى، متناقضة تماماً مع الأولى، ولم أعد موقناً بأن الرواية التي أعرفها هي فقط الحقيقة.

بين الحين والآخر أكتشف وجهاً آخر مسكوتاً عنه، لما كنت موقناً تماما بصحته. تفاصيل تبدو هامشية، لكنها تؤكد أن هناك معلومة ناقصة.

مثلاً، روى لي الموسيقار الكبير كمال الطويل أن عبد الحليم حافظ دون أن يخبره، أعجبته أغنية «يا رايحين الغورية» التي لحنها للمطرب الكبير محمد قنديل، وقرر «حليم» دون علم الطويل أن يسجلها لإحدى شركات الأسطوانات بصوته، وأكد لي الطويل أنه عاتب عبد الحليم، وبالفعل لا يتذكر الناس «الغورية» إلا بصوت مطربها الأول قنديل، رغم توافر التسجيل بصوت عبد الحليم في الأرشيف.

بالصدفة، قبل أيام استمعت إلى حوار إذاعي لمحمد قنديل، سجله قبل 60 عاماً، قال فيه بالحرف الواحد، إن عبد الحليم وكمال الطويل اشتركا في تلك المؤامرة - منحها قنديل صفة مؤامرة - إلا أن الجمهور أفشل الخدعة، ولم يتقبلها بصوت عبد الحليم.

قنديل ربما لم يكن ملماً بكل التفاصيل، فاعتقد جازماً أنها خطة شريرة شارك فيها الطويل وحليم لضربه. هذا قطعاً وارد، وربما أيضاً لم يقل الطويل كل الحقيقة، فهذا وارد أيضاً.

مثلاً قال لي الموسيقار الكبير محمود الشريف إنه تعرض لضربات تحت الحزام للنيل منه قبل اقتراب إعلان موعد إعلان الزفاف الرسمي بينه وأم كلثوم. أشار الشريف إلى أن الكاتب الكبير مصطفى أمين هو الذي أفسد زواجه من «كوكب الشرق»، عندما أقنعه وأم كلثوم بالتمهيد بإعلان الزواج، والخطوة الأولى أن ينشر خبر الخطوبة على صفحات جريدة «أخبار اليوم»، وذلك عام 1946، وتضمن الحوار هذا السؤال الذي عدّه الشريف بمثابة اللغم الشرير، عندما سألها مصطفى أمين: «هل تواصل الغناء بعد الزواج من محمود الشريف؟». جاءت إجابة أم كلثوم قاطعة: «الأمر له وما يريد».

استشاط الرأي العام غضباً عندما استشعروا أن صوت أم كلثوم لم يعد ملكية عامة، من حقهم الاستماع إليه، وحضور حفلاتها في أي وقت، هذا الأمر سوف يصبح بعد الزواج مرهوناً بموافقة إنسان واحد وهو محمود الشريف. وقتها بدأ الناس يشعرون بأن أكبر عدو لهم هو محمود الشريف.

بعد أسابيع قليلة كان «مانشيت» «أخبار اليوم» هو «جنازة حب»، وقال مصطفى أمين على لسان أم كلثوم، إنها قررت الانفصال، وعدم استكمال إجراءات الزفاف من محمود الشريف، عندما علمت أنه متزوج، وأنها لا يمكن أن تبني سعادتها على أنقاض تعاسة بيت آخر، والاغتيال العاطفي لسيدة أخرى.

بينما كما قال لي الشريف، إن أم كلثوم كانت تأتي إليه في منزله لتأكل «ملوخية بالأرانب» - أشهر وجبة مصرية - وكانت زوجة محمود الشريف السيدة فاطمة تبدع في إعدادها، فكيف تقول للرأي العام إنها لم تكن تعرف أنه متزوج، ثم إن أم كلثوم تزوجت من دكتور حسن الحفناوي وكانت هي زوجته الثانية!! في نهاية الأمر عام 1955.

أتذكر جيداً أنني سألت الكاتب الكبير مصطفى أمين عن الحقيقة وذلك بعد رحيل أم كلثوم ببضع سنوات، فأجابني ساخراً: «أم كلثوم عاشت بيننا 75 عاماً، فلماذا لم يذكر الشريف واقعة (الأرانب بالملوخية) وأم كلثوم على قيد الحياة؟».

تأملت كلمات مصطفى أمين، وأصبحت موقناً بأن حياتنا مليئة بحكايات كثيرة مثل «الأرانب بالملوخية»!!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أرانب بالملوخية» «أرانب بالملوخية»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab