«جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف

«جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف

«جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف

 العرب اليوم -

«جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لا يطبق الناقد -أو المفروض أنه لا يفعل ذلك- معاييره النظرية فقط، بعيداً عن ردود فعل الناس، وتوجههم الذي نلاحظه في عشرات من التفاصيل، أهمها توجه المؤشر.
لديكم مثلاً مسلسل (جعفر العمدة) الذي يحقق أكبر قدر من الجماهيرية الطاغية في الشارع، قطعاً لو استسلمت فقط للمعايير النقدية، لاكتشفت كثيراً من الأخطاء التي تتناقض مع قواعد الدراما، ومبادئ القانون، ومنطق المنطق، بينما المشهد الذي يتكرر منذ أول أيام رمضان، أن هناك من يلعن المسلسل قبل مدفع الإفطار، وفيما بعد المدفع يبحثون عنه بـ(الريموت كونترول)، يتحلقون حول التلفزيون بشغف لاستقبال الحلقة الجديدة.
عنصران أساسيان يحققان كل هذا الرواج: الكاتب والمخرج محمد سامي، والنجم الذي يتصدر الشاشة محمد رمضان. بينهما توأمة وكيميائية.
سامي هو أكثر مخرج في هذا الجيل قدرة على قراءة الجمهور، يلعب على المكشوف، يعد الجمهور في كل مرة بأحداث ساخنة وبقفلة (حراقة)، ومع نهاية كل حلقة يقلب تماماً الموقف الدرامي، ويجعلك متشوقاً لمشاهدة الحلقة التالية.
الناس تميل بطبيعة مشاعرها لتلك المسحة الميلودرامية التي تتطرف بين الأبيض والأسود، الحلال والحرام، الثلج والنار، لا توجد شخصية -حتى شخصيات الأدوار المساعدة- إلا وهناك ملامح مميزة لها، بها قدر مفرط من المبالغة في السلوك. المخرج لا يجد بأساً في أن يلقي بأوراقه بقوة، وخصوصاً في المشهد الأخير الذي يأتي مثيراً للدهشة، ثم يبدأ بعد ذلك في البحث عن مبرر درامي: زواج، أو قتل، أو صفع، أو خيانة، ومهما كانت (القفلة) فالمهم أن تنقلب المائدة أمام عيون الناس، الرغبة الكامنة لدى الجمهور المتشوق للحكاية ستدفعه ليصبح هو أيضاً أحد أهم عوامل تصديق كل ما يراه خارج المنطق، ليصبح هو المنطق.
بينما تكتشف مسلسلات على الميمنة والميسرة، حنجورية (البناء) تدّعي سياسياً وفكرياً، توحي بأنها فئوية في بنائها، مقدَّمة لطبقة من المثقفين، بينما الحقيقة تؤكد أن النخبة قبل العامة لم يصدقوها، «لت وعجن»، ومراهقة فكرية؛ بلا أي جاذبية، لا تملك سوى ادعاء الإبداع، فتسقط بعيداً عن مشاعر الناس، مترنحة بـ(السكتة الجماهيرية).
بينما التوليفة التي قدمها محمد سامي بكل هذا الصخب الدرامي مصنوعة على الصورة الذهنية التي شكَّلها محمد رمضان، لو نزعته منها فلن يتحقق كل هذا الرواج، ولا كل تلك الجماهيرية.
الممثلون بجواره يخرجون من العمل الفني مختلفين تماماً عما كانوا قبله، يظل لقسط وافر منهم عدد من اللازمات الحركية واللفظية، تترك مساحة في الشارع.
نوع من الدراما الشعبية علينا أن نتعامل معها كما هي «مشعوطة» (سبايسي) وبـ(نار الفرن)، فيها كل شيء زيادة عما هو متعارف عليه، ملح أو سكر، المهم أن تصل للذروة.
نتابع بالطبع غضبة مرتقبة للجمعيات النسائية، على اعتبار أن (جعفر) سيؤدي إلى تأكيد نمط الزواج من أربع، ولا أتصور أن الناس يتعاملون مع (جعفر) على هذا النحو، فما يتابعونه ليس هو الواقع، ولكنه ما بعد الواقع. لديكم مثلاً الحي القاهري العريق (السيدة زينب)؛ حيث تجري الأحداث، من المستحيل أن تلمح تماثلاً بين الحقيقة في هذا الشارع والدراما على الشاشة.
هناك فقط من يريد أن يصدق (جعفر) وقبله (الحاج متولي)، مدركاً في الوقت نفسه أنها مجرد أحلام بعيدة المنال، لا يتم التفكير في مصداقيتها. لا بأس من أن يشعر بعض الرجال بحالة مؤقتة من الزهو والسعادة، والنشوة المستترة التي يفجرها حضور (جعفر) وعلاقته بالنساء الجميلات الخاضعات له، كل منهن تنتظر ليلتها طبقاً للجدول، وهو يحق له فقط الخروج عن الجدول طبقاً لمزاجه.
الناس لا تقلد (جعفر العمدة)، وقبله بعشرين عاماً (الحاج متولي)، ولكنها تكتفي بأن تلعنه قبل مدفع الإفطار، ثم بـ(الريموت كونترول) تبحث عنه بشغف بعد المدفع!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف «جعفر العمدة» بين اللعنة والشغف



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:28 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

بغير أن تُسيل دمًا

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الإنسانية ليست استنسابية

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 07:50 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab