منع المنع

منع المنع!

منع المنع!

 العرب اليوم -

منع المنع

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل من الممكن أن يحدد إنسان مهما بلغت درجة ثقافته ومؤهلاته العلمية، معياراً شاملاً لتوصيف «الذوق العام»؟ ما هو عام عندما نرصده من زاوية رؤية محددة، نحيله لا شعورياً إلى خاص.
كثر استخدام هذا التعبير الفضفاض، وعند كل مصادرة لفيلم أو مسرحية أو أغنية أو كتاب، ستجد أن على رأس الأسلحة للطعن في المصنف الفني هو نعته بمخالفة الذوق العام.
تاريخنا القريب مليء بعديد من تلك المواقف التي يبدو ظاهرها الرحمة بينما باطنها العذاب. في عام 1950 –مثلاً- احتج مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء في حزب «الوفد»، على أغنية فريد الأطرش «يا عواذل فلفلوا»، وتمت مصادرتها؛ لأن النحاس وجد في الكلمات كيداً وتدنياً لا يليق برجل. ومع الزمن، باتت من أشهر أغنيات فريد، فهل كان النحاس يعبر عن الذوق العام أم ذوقه الشخصي؟
في عام 1958 منعت إذاعة الأردن تداول أغنية فايزة أحمد «يا امّه القمر ع الباب» وأوقفت بثها، بسبب مقطع «يا امّه اعملي معروف، ما عدش فيها كسوف، قومي افتحي له الباب»، وقالوا إن بها دعوة صريحة للانحلال، لا تليق بالفتاة العربية. الآن عندما تستمع للأغنية، هل تثير بداخلك أي نفور؟
بمجرد انتخاب الشاعر الفنان مصطفى كامل نقيباً للموسيقيين المصريين، خلفاً لهاني شاكر، بدأنا نتابع محاولات لا تنقطع لدفع النقيب الجديد للتشدد مع الأغاني؛ خصوصاً تلك التي يطلقون عليها «مهرجانات»، حفاظاً أيضاً على الذوق العام.
هل كانت أغنية «بنت الجيران»، من غناء عمر كمال وحسن شاكوش التي كانت عنواناً لعديد من الخلافات والصراعات، تستحق كل هذه المعارك «الخائبة» التي بددت فيها نقابة الموسيقيين طاقتها بعيداً عن الهدف الرئيسي لها، وهو رعاية الأعضاء الذين عانوا ولا يزالون من البطالة؟ الهدف الذي شغل بال مجلس النقابة وقتها، هو مطاردة هؤلاء المطربين حتى في أرزاقهم. وعندما تستقبلهم دول مثل السعودية وتونس وقطر ولبنان وتركيا وغيرها للغناء، يعلو صوت الاحتجاجات، على الرغم من أن لا ولاية للنقابة المصرية على ما يجري خارج الحدود، إلا أنهم لا يتورعون عن استخدام سلاح الحفاظ على سمعة مصر.
هل يوجد في «بنت الجيران» أو في غيرها ما يدعو لكل هذا الغضب؟ اكتشفنا من تداعيات الأحداث أن ما هو معلن يتناقض مع الحقيقة، وأن الحكاية «فيها إن»، أي تحمل دوافع أخرى.
الآن يريدون إقحام النقيب الجديد لمصادرة أغنية حققت نجاحاً مدوياً في الشارع، هي «انتش واجري»، وهي أقرب إلى نكتة بكلمات غير مفهومة تحولت إلى «تريند». أنا شخصياً لم أستمع إليها إلا بعد أن تابعت كل تلك الضجة، بعد أن تعددت المطالبات كالعادة بمصادرتها.
هل دور النقابة أن تلعب دور محاكم التفتيش؟ أم خلق مناخ صحي، يؤهلنا لرؤية الفن الجيد، وهو ما لم تمارسه النقابة في السنوات العشر الأخيرة؟
غنت روبي «نمت ننة» فغضبوا، وغنت «حتة تانية» فازداد غضبهم. الكلمات كما وصفتها روبي «صايعة»، رددها الشباب، فهل هذه الكلمات بها إسفاف يعاقب عليه القانون؟ إجابتي هي: لا، وإلا كانوا قد حاكموا روبي جنائياً.
أعلم أن قطاعاً من المجتمع العربي يريد من الدول أن تتدخل من المنبع لتحميه وأولاده، بينما الحقيقة تؤكد أن زمن المنع انتهى، وعلينا أن نعيش زمن المناعة التي تعني أن نملك بوصفنا جمهوراً القدرة على الاختيار الصحيح.
من السهل جداً أن نردد مثل الآخرين، أن سر أزمة التعليم مسرحية عادل إمام «مدرسة المشاغبين»، وأزمة الأخلاق تفجرت بعد أغنية أحمد عدوية «السح الدح إمبوه»، والبلطجة ترعرعت بعد فيلم محمد رمضان «عبده موتة»، رغم أنها كلها مجرد حجج واهية «فشنك»!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منع المنع منع المنع



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:16 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
 العرب اليوم - نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab