«الجونة» وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات

«الجونة».. وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات!

«الجونة».. وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات!

 العرب اليوم -

«الجونة» وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات

بقلم : طارق الشناوي

سألنى أحد الأصدقاء، هل ستتغير الصورة الذهنية لمهرجان الجونة ويتم التعامل معه باعتباره تظاهرة ضخمة للأفلام الأكثر إبداعا وجرأة فى العالم، وليس كما يحاول البعض أن ينعته بأنه مجرد ديفيليه للفساتين الأكثر جرعة؟. قلت له مع الأسف، أغلب متابعى السوشيال ميديا لن يسمحوا بتغيير تلك الصورة، وسوف يتصيدون أى فستان عابر هنا أو هناك ليسرق الكاميرا، وأزيدك من الشعر بيتا وهو أسوأ الأبيات، أن بعض المتابعين من الإعلاميين داخل المهرجان لديهم نفس النهم فى اصطياد أى فستان عابر، وإحالة الحبة إلى قبة والفستان إلى مانشيت. نظرة محايدة تؤكد أننا استمتعنا بعدد لا بأس به من أفضل الأفلام، العالمية والعربية، ولكنهم مع الأسف لن يتذكروا إلا الفستان إياه.

الصورة لن تتغير فى دورة أو اثنتين ولكن بالتراكم، من خلال فريق عمل يجيد التعامل مع تلك المواقف. مهرجان الجونة واجه أثناء انعقاده الكثير من الأحداث المفاجئة، تعامل معها باحترافية، جاء فى البداية خبر رحيل الفنان القدير حسن يوسف الذى صار حضوره جزءا عزيزا من تاريخنا المرئى، وبعدها بساعات ودعنا النجم القدير الوسيم الخلوق مصطفى فهمى، ومنذ إعلان الخبرين، والمهرجان يعلن من خلال فعالياته الحزن، وفى نفس الوقت واصل فعالياته وحتى الختام. أجاد ضبط الجرعة التى لا تتناقض مع استمرار العروض، احتل الفنانان الكبيران مساحة تليق بهما، وفى حفل الختام شاهدنا سيد رجب وسلوى محمد على، وهما يقدمان لهما الوداع الذى يستحقانه.

حفل الختام بوجه عام على خشبة المسرح، كان أفضل من الافتتاح، وهو ما يدفع إدارة المهرجان إلى إجراء بروفات أكثر على الفقرات حتى يضمن أن ضربة البداية تأتى أيضا لصالحه.

المهرجان واجه قبل ساعات من الافتتاح طعنة مباغتة من الرقابة، عندما أصدرت قرارا يغيب عنه الوعى، بمنع عرض الفيلم القصير المأخوذ عن قصة نجيب محفوظ «آخر المعجزات» إخراج عبد الوهاب شوقى، كنت أتمنى أن يتدخل وزير الثقافة د. أحمد هنو ويعالج الأمر بقراءة سياسية، لأننا خسرنا الكثير بسبب هذا القرار الذى أراه عشوائيا وغير مبرر.

جاء قرار إدارة المهرجان بضبط مشاعر الغضب، لأن من الصالح ألا يدخل فى معركة مباشرة مع الرقابة، والكل يعلم أن الرقيب يملك الكثير من الأوراق، وللموظف المسؤول صلاحيات مطلقة تمنحه الحق فى أى مهرجان بسحب الموافقة على أى عمل فنى حظى مسبقا بالموافقة.

«الجونة» أسدل ستائره عن الدورة السابعة، لنعيد فتحها مجددا بعد أن أيقظتنا من غفوتنا تلك المجموعة من الأفلام التى حظى بها، وجزء معتبر منها يحمل الصفة العربية. ستكتشف أن أى فيلم مصرى وجد صدى سواء فى مهرجان داخل الحدود أو خارجها، لديه دعم مالى خارجى، وأيضا رحابة فكرية مهدت له حرية التعبير، وهو ما يفرض علينا أن نتأمل حالنا ونبحث عن إجابة لهذا السؤال: ما الذى أوصلنا إلى هذا المستوى؟. كما أننا يجب ألا ننتظر مجاملة من لجان التحكيم، للبلد صاحب الأرض، تلك المجاملة تؤدى حتما إلى نفس الإحساس الذى يشعر به المريض بعد حصوله على أدوية مسكنات لا تعالج أصل الداء، تمنحه فقط ساعات من الارتياح الكاذب، والحديث له شجون، قبل أن نكمل علينا أن نطل على الفيلم الذى نال نجمة الجونة الذهبية، من الممكن أن تجد جزءا من الإجابة، أو فى الحد الأدنى بداية الخيط.

نال فيلم «أثر الأشباح» للمخرج جوناثان ميلى الجائزة الأهم لأفضل فيلم روائى طويل، وهو بالمناسبة أول أفلامه الروائية الطويلة، المسابقة قطعا زاخرة بالأفلام القادرة على المنافسة، إلا أنه اقتنص الجائزة عن جدارة.

الشريط يتكئ على الجرأة الفنية والفكرية، فهو يتجاوز مأزق الانتقام الشخصى الذى يعيشه البطل، بسبب من عذبوه أثناء الثورة السورية، مما دفعه للهجرة خارج الحدود، ينتقل المخرج إلى الإنسان بكل دوافعه ليس فقط الضحية ولكن أيضا الجلاد.

كثيرا ما انتقدت الرقابة بسبب نظرتها المتوجسة فى قراءة العمل الفنى، فهى تردد على طريقة المطرب حكيم (افرض مثلا.. مثلا.. يعنى)، ولهذا تفضل إيثارا للسلامة الرفض، إلا أنها هذه المرة امتلكت قدرا من الجرأة، وصرحت بالموافقة على تداول الفيلم، لم تنصت لهذا الصوت الذى يعلو بين الحين والآخر خوفا من احتمال الغضب، ولا أدرى هل أدركت الرقابة ذلك وتسامحت فى العرض وراهنت على الفن، أم أن الأمر تجاوز قراءة الرقيب وفريق العمل، ولم يدركوا تلك الحساسية الكامنة؟.

فى الحالتين سواء أكانت رمية بغير رام، أو لها رام، ومع سبق الإصرار، فإننا استمتعنا بالفيلم، وأتصور أنه أكثر الأفلام داخل المسابقة التى حظيت بإقبال جماهيرى، وكما يبدو أن للأشرطة المختلفة رائحة تسبقها وتجعل المؤشر يتوجه إليها.

ولا يزال مهرجان الجونة يحمل الكثير من الأفلام والحكايات التى تستحق منا غدا إطلالة أخرى وأخيرة!.

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجونة» وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات «الجونة» وضبط الجرعة في التعامل مع الأزمات



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab