بقلم -طارق الشناوي
الإلهام حافز يحرك مكامن الإبداع داخل الإنسان، قد تكون عيون امرأة، أو مليون جنيه، وما هو أيضا دون ذلك بكثير، الملهمة ليست بالضرورة أنثى يكتب لها رجل، قد يكون رجلا تكتب عنه أنثى، أو رجلا يكتب عن رجل، مثلا عبد الرحمن الأبنودى عندما يكتب لمحمد رشدى فهو يرسم ملامحه (فى إيديا المزامير/ وفى قلبى المسامير) لا يمكن أن تصدقها سوى من رشدى، كان الكاتبان الراحلان عاصم توفيق وأسامة غازى يقدمان أعمالهما الدرامية مستلهمان يحيى الفخرانى، قال لى يحيى إنه عندما زار غازى فى منزله وجد صوره تملأ كل جدران شقته، ولإنعاش الذاكرة فإن عاصم توفيق هو مؤلف فيلم (خرج ولم يعد)، وأسامة غازى مبدع مسلسل (أوبرا عايدة).
قد يبوح الشاعر باسم ملهمته، أنا شخصيا أعرف ثلاثة كل منهن قالت لى إن عمى الشاعر الكبير مأمون الشناوى كتب لها رائعته (بعيد عنك) منهن السيدة زوجته فاطمة محجوب، عندما سألته عن حقيقة الأمر طرح اسما رابعا، بينما أم كلثوم اعتبرت نفسها هى وسيلة ملحن الأغنية بليغ حمدى لتوصيل مشاعره للمطربة وردة، والتى كانت قد اعتزلت الغناء، وسافرت لبلدها وتزوجت من أحد ضباط الثورة الجزائرية، قبل أن تعود بعدها بخمس سنوات للقاهرة ويتزوجها بليغ حمدى، بعد أن وصلتها الرسالة (كنت باشتاق لك وأنا وأنت هنا/ بينى وبينك خطوتين / شوف بقينا إزاى يا حبيبى/ أنا فين وأنت فين).
من أشهر الذين تحدثوا مباشرة عمن ألهموهم الشاعر الضابط عبد المنعم السباعى، والذى شغل فى مطلع ثورة 23 يوليو منصب (رئيس أركان الإذاعة)، أحب سيدتين جميلتين يجمعهما اللون الأسمر، الفنانة مديحة يسرى، والإذاعية سامية صادق، كل منهما ظلت حتى رحيلها تعتقد أنه كتب لها فقط (جميل وأسمر بيتمخطر) التى رددها محمد قنديل، بينما كتب لسامية صادق منفردة (لايق عليك الخال ياللى الهوى خالك) وكتب لمديحة يسرى حصريا (أنا والعذاب وهواك).
فمن التى ألهمت محمد عبد الوهاب هذا اللحن العبقرى؟ الإجابة (أبلة فضيلة) فضيلة توفيق، أعلنت هذه الحكاية الإذاعية الكبير، متعها الله بالصحة والعافية، فى حوارها الذى نشرته قبل بضع سنوات مع الكاتبة الصحفية سهير حلمى، على صفحات جريدة (الأهرام)، ربطت بين محمد عبد الوهاب وأبلة فضيلة قصة حب قصيرة، كان من المفترض أن تنتهى فى منتصف الخمسينيات بالزواج، وذلك قبل زواجه من السيدة نهلة القدسى، ولكن أسرة فضيلة توفيق لم يرحبوا بسبب ما كان يتردد عن علاقات عبد الوهاب المتعددة، كما أنه كان لا يزال متزوجا من السيدة إقبال نصار أُم أبنائه، وهكذا عاشت (أنا والعذاب وهواك) أغنية استثنائية، لأن شاعر الأغنية عبد المنعم السباعى كان معذباً فى حبه لمديحة يسرى، بينما الملحن يعيش عذابه مع أبلة فضيلة.
أشهر الملهمات هى أم كلثوم لشاعرنا أحمد رامى، وهكذا استمعنا إلى (هجرتك) و(رق الحبيب) و(يا ظالمنى)، والمطربة لطيفة للشاعر عبد الوهاب محمد (أرجوك إوعى تغير / أنا حواليا كتير)، أما أشهر قصيدة حب (الأطلال) فلقد حدث صراع بين كل من الفنانتين القديرتين زوزو حمدى الحكيم وزوزو ماضى، كل منهما أكدت أنها الملهمة الحقيقية للشاعر إبراهيم ناجى، والذى كان طبيباً مرموقاً، فلقد كانت عادة ناجى أن يكتب أشعاره على (الروشتات)، إلا أن (الأطلال) اكتشفوا بعد رحيله أنه كتب بعض أبياتها على مناديل يد كل من (الزوزوتين) الحكيم وماضى.