«تحت سماء دمشق» كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية

«تحت سماء دمشق».. كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية؟

«تحت سماء دمشق».. كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية؟

 العرب اليوم -

«تحت سماء دمشق» كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية

بقلم: طارق الشناوي

من الأفلام التى أعتقد أنها سوف تحظى بجائزة (الوهر الذهبية) لأفضل فيلم تسجيلى طويل (تحت سماء دمشق)، والتى تعلن مساء الخميس القادم.

شاهدت الفيلم لأول مرة فى مهرجان (برلين) واقتنصه (وهران) وشارك فى إخراجه هبة خالد وعلى وجيه وطلال ديركى، شعرت برغبة فى قراءة أخرى للشريط السينمائى.

الفيلم يلقى ظلالا عميقة على حال سوريا اليوم، من خلال رصد حالة المرأة، وما تعانيه، سترى قطعا البيوت المهدمة والأرواح المقهورة، والدموع التى تذرفها القلوب قبل العيون، وهو ما قدمه الشريط السينمائى بعمق وإبداع، بينما ما لم نره هو كيف تم خداع الرقابة فى سوريا، التى تحول دون تصوير الواقع بأى شكل، وتوافق فقط على السينما التى تستند إلى حبكة درامية، لأنها من الممكن مراجعتها قبل التصوير، كيف تمكن صناع الفيلم من تحقيق ذلك رغم قسوة الرقابة وإصرارها على متابعة كل التفاصيل أثناء التنفيذ؟.. تلك حكاية تستحق التوثيق فى فيلم وثائقى يقدم كيف صنع هذا الفيلم.

لكن قبل أن نسرد الشريط بكل أبعاده يحلو لى، وأنا فى الجزائر، أن أتناول شيئا من المواقف الفنية والثقافية فى تاريخ البلد الشقيق.

الرئيس الأسبق هوارى بومدين فى حياته الكثير من التفاصيل، التى تذكرك مباشرة بالرئيس جمال عبدالناصر، كل منهما لم يكن أول رئيس للجمهورية، لكنه أصبح كذلك، كل منهما كان لديه عشق وطنى وقومى، وأصدر قرارات مصيرية أعادت تشكيل الأمة، تعريب الجزائر بالقانون أتصور أنه العمق الاستراتيجى، الذى قدمه الرئيس الجزائرى الراحل لوطنه، خاصة أن بومدين درس فى الأزهر الشريف فأتقن العربية، وكانت له أيضا إطلالته الفنية، فهو قارئ للأدب.

روى لى الإذاعى الكبير أحمد سعيد الذى كان مسؤولا عن (صوت العرب) أن أول بيان أذاعه بن بيلا عن ثورة الجزائر عام ١٤٥٤ من الإذاعة المصرية، كانت المشكلة هى أن بن بيلا لا يستطيع نطق العربية، فكيف يطالب بتحرير الجزائر من فرنسا وهو يتحدث بالفرنسية؟، وتمت كتابة كلمته بالحروف اللاتينية ليسجلها بن بيلا من الاستوديو بالقاهرة بصوته وتصل للشعب الجزائرى باللغتين، هكذا كانت الإذاعة المصرية فى ذلك الزمن تقف فى المقدمة مع الشعوب فى النضال من أجل التحرر.

من مواقف بومدين عشقه للفن، وكان قد رشح وردة للغناء فى العيد الوطنى للجزائر ١٩٧٢، بينما زوجها جمال القصيرى وكان زميلا لـ بومدين منذ الخمسينيات فى الكفاح الوطنى عارض بشدة عودتها للفن، وبالتالى سفرها للقاهرة، ووجه بومدين لهما الدعوة للإفطار معا فى بيته، وقال له القصيرى إنه لن يقبل أن زوجته وأم طفليه رياض ووداد تعود للغناء، فسألها بومدين هل لاتزال لديك رغبة؟ أجابت بنعم، وهنا طرح الزوج احتجاجا ورقة الطلاق، وخيّرها بومدين فاختارت الغناء، وبعد الحفل الوطنى عاودت مشوارها الغنائى فى مصر وتزوجت من الموسيقار بليغ حمدى مارس ١٩٧٣.

حكاية أخرى كان بطلها أيضا بومدين عن فيلم (زد) إخراج كوستا جافراس، الحائز على أوسكار عام ١٩٧٠، والفيلم مثّل الجزائر فى (أوسكار) أفضل فيلم دولى (أجنبى) غير ناطق بالإنجليزية، الفيلم يحصل على الجنسية- من جنسية جهة الإنتاج - والدولة الجزائرية من خلال المركز السينمائى الجزائرى ممثلة فى المخرج أحمد راشدى كانت هى المنتج، كما أن راشدى ساهم شخصيا بحصة من ماله الخاص فى الإنتاج.

لم يكن طريق الفيلم ممهدا، لاقى صعوبات رقابية لأنه ينتقد الحكم العسكرى فى اليونان فى عقد الستينيات، وزير الثقافة الجزائرى كان يخشى من الإسقاط السياسى على الجزائر فاعترض على إنتاجه، بينما راشدى راهن على الفيلم، وقبل ذلك على سعة أفق هوارى بومدين الذى قرأ السيناريو وتحمس، رغم المحاذير وقال له فى اللقاء المباشر بينهما: طالما أنت موافق فأنا كذلك، وأضاف مداعبا: لو الفيلم فشل سوف يهاجمونك ولو نجح سوف يمدحوننى، وحقق (زد) الأوسكار الوحيد لنا حتى الآن فى العالم العربى.

وبالمناسبة، كان من الممكن أن يصبح الفيلم التسجيلى الطويل (تحت سماء دمشق) هو الثانى حيث إنه وصل للقائمة القصيرة التى يتنافس فيها خمسة أفلام فى مطلع هذا العام، ولم تكن الأولى عربيا، فعلتها موريتانيا ولبنان والجزائر وتونس وفلسطين والمغرب واليمن، بينما نحن نحاول منذ عام ١٩٥٨، ولم نتمكن من الوصول حتى للقائمة الطويلة التى يتنافس عليها ١٥ فيلما.

تمكن فريق العمل من المخرجين الثلاثة فى فيلم (تحت سماء دمشق)، الذين يقيمون خارج سوريا، من خداع الرقابة، تقدموا بعمل دراما اجتماعية عن المرأة ومن خلال مسابقة لاختيار من تصلح للتمثيل بدأ الخيط ووافقت الرقابة، وأصبح المزج بين العالمين التسجيلى والروائى هو مفتاح قراءة الفيلم.

الفيلم يشارك فى إنتاجه أكثر من دولة أوروبية مثل ألمانيا، ورغم أنه لا يحكى أو يحاكى مباشرة عن سوريا بعد الثورة فإنه يلقى لنا بالكثير من الخيوط، وهكذا مثلا نرى ممثلة سورية وجدت نفسها داخل المعتقل لأنها قالت رأيا معارضا لم يكتف النظام بإغلاق الأبواب الفنية أمامها، بل اعتقلوها، كما أن الشريط يفضح التحرش الذى يمارسه ضد النساء عدد من أصحاب النفوذ.. ومن لا تخضع تلقى كل أنواع العذاب من النظام، النساء يجتمعن للتعافى عن طريق البوح والفضفضة المليئة بالمعاناة، ثم تذهب بعضهن إلى بيروت للاستشفاء.

اقترحت على المخرجة هبة خالد، التى صاحبت الفيلم فى (وهران)، أن تكتب سيناريو لفيلم جديد عنوانه (كيف تخدع الرقابة)؟.

أنتظر أن يتوج هذا الفيلم بجائزة (الوهر الذهبى) لأفضل فيلم عربى تسجيلى.. يستحقها وعن جدارة!!.

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تحت سماء دمشق» كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية «تحت سماء دمشق» كيف خدعت المخرجة الرقابة السورية



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس

GMT 12:28 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 05:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 23:43 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

عائشة بن أحمد وكريم فهمي يجتمعان في فيلم دماغ ألماظ

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

قطر تعلن عزمها إعادة فتح سفارتها في سوريا قريباً

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

العربية للطيران تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت 18 ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab