بقلم:طارق الشناوي
سر غامض تلك هى النجومية، مهما حاولت أن تُمسك بيديك أسبابا موضوعية ستكتشف أن ما يسكن تحت السطح أكثر، وأغلبها أسباب تخاصم، ليس فقط الموضوعية، ولكن حتى المنطق هو ما منح أصحابها كل هذا البريق.. ما لا تستطيع أن تدركه بعقلك وأن تراه بعينيك هو ما يسيطر على المشهد.
أحد أعضاء مجلس نقابة الموسيقيين سألوه مؤخرًا عن رأيه فى صوت روبى. فأجابهم لا أعترف بها أساسا كمغنية.. هل روبى بحاجة إلى اعترافه؟، فهو منذ عشرين عاما لا يقدم أى شىء يتذكره له الناس، لو أقيم له حفل هل سيذهب إليه أحد، المطرب الرصين طبّق معاييره الأكاديمية التى درسها والتى تنطبق عليه، فوجد أنها تتناقض مع روبى فأسقطها من الجدول.
علينا أن نعيد النظر مجددا فيما نعتبره مُسلمات، لقد كانت منيرة المهدية (سلطانة الطرب) كما أطلقوا عليها فى مطلع القرن الماضى، هى التى تجلس على كرسى عرش الغناء، إلا أنها لم تتجدد، فتجاوزها الزمن، وكما هى العادة عندما تسألهم بعد أن يخفت البريق يفتحون النيران على ما يجرى الآن، تماما مثل المطرب القديم صالح عبدالحى (أستاذ محمد عبدالوهاب ومثله الأعلى)، عندما كانوا يسألونه فى الخمسينيات عن الأصوات التى جاءت بعده كان يقول عنهم (صراصير).
السينما المصرية مثلًا تتحرك وفقًا لبريق النجوم، هذا القانون فرضته هوليوود، النجم هو العنوان، إلا أنه فى مصر لم يعد فقط فى مقدمة الكادر، ولكنه المسيطر على كل مفردات العمل الفنى، بل تستطيع أن تقول إنه صار هو العمل الفنى، ورأينا أيضا فى التليفزيون ظلالًا لهذا القانون الجائر.
النجم هو ابن الزمن، دائما فى كل حقبة نعيشها تظهر نجوم وتختفى أخرى، وفى كل المجالات، وهناك أيضا فن صناعة النجم.. هكذا مثلا كان لدينا منتج راحل رمسيس نجيب يجيد اكتشافهم وتلميعهم وتقديمهم للجمهور، فهو الذى دفع بنجلاء فتحى بطلة لفيلمه «أفراح» بعد أن كانت سعاد حسنى هى المرشحة، ولكنها أرادت زيادة أجرها، وكان يحرص على توفير كل سبل الدعاية لنجلاء حتى تصدّرت صورتها واسمها علب «الكبريت»، إلا أن هذا المنتِج ذا الحاسة الخاصة هو نفسه الذى اعترض على ترشيح أحمد زكى بطلا فى فيلم «الكرنك» مشاركا سعاد حسنى، وقال لهم: كيف تحب سعاد حسنى شابا أسود؟.. إنه لا يصلح سوى لأداء دور «الجرسون» فى الكافيتريا. وأسند الدور إلى نور الشريف، ومع الزمن يصبح أحمد زكى هو نجم السينما العربية، وعندما يسألون نور الشريف عنه يقول: لو كنت أنا كممثل «7 من 10»، فإن أحمد زكى فى هذه الحالة «10 من 10».. ورمسيس اعترض أيضا قبلها على ترشيح المخرج صلاح أبوسيف للوجه الجديد محمود يس بطلا لفيلم (القضية 68)، ورشح حسن يوسف للدور.. حتى الكبار من الممكن أن يخطئوا فى الحكم على الموهبة، مثلما أخطأت المنتجة الكبيرة مارى كوينى ورفضت ظهور صورة عبدالحليم وهو يغنى فى (تترات) فيلم (فجر) وطلبت من المخرج عاطف سالم عام 54 أن يكتفى فقط بصوته، على اعتبار أن وجهه ليس (فوتو جينيك)، بعدها ببضعة أشهر صار عبدالحليم هو معبود النساء والنجم الجماهيرى الأول، ورفض أن يشارك فى أى فيلم تنتجه مارى كوينى، رغم أنها ضاعفت أجره ثلاث مرات.
النجومية حتى للمتخصصين فى صناعة النجومية كانت وستظل سرًا غامضًا!.