بقلم: طارق الشناوي
من الذى سرّب الأحراز وجواز سفر (منة شلبى) للإعلام بكل أطيافه وباتت مادة فى متناول يد الجميع؟ تلك فى ظنى جريمة لا تقل خطورة عن جلب أو تعاطى المخدرات، تعودنا أن نتعايش مع هذه الجرائم ونعقد معها معاهدة صلح؛ فهى تُشبع بداخلنا رغبة فى كشف المستور، خاصة عندما نعرف أن المستور يتعلق بشخصية عامة.
خصوصية الإنسان مصونة أمام ساحة القضاء، ولكن بعد ساعة أو أقل، كان كل ما فى حقائب (منة) متاحًا للجميع، والكل يضيف شيئًا من عنده بين المباح والممنوع، محللًا تلك الأحراز. لا أحد فوق القانون، هذه هى القاعدة، ولا فرق بين مشهور ومغمور، ورجال الجمارك فى مطار القاهرة أدوا واجبهم كما يقره القانون، طالما توجس ضابط الأمن من شىء فهو يحسم الشك باليقين عن طريق التفتيش الذاتى، هذا هو القانون الذى علينا دائمًا الانصياع له واحترام القائمين على تنفيذه. ولكن لا يجوز أن يصبح المشهور مستباحًا لأنه مشهور؟ من يقف وراء تسريب المضبوطات، وما أدرانا أنها فعلًا مضبوطات، بينما المتهمة- التى لم تثبت إدانتها- لا تزال تقف أمام جهات التحقيق، حتى كتابة هذه السطور، الأمر فى حيز النيابة، لتحدد بعدها مسار القضية بعد إخلاء سبيلها.
مع الأسف، شاهدنا عبر الزمان اختراقات متعددة ومن أماكن مفروض أنها تحظى بالسرية المطلقة، مثلما تسللوا إلى غرفة الرئيس الأسبق أنور السادات فى المستشفى العسكرى، وشاهدنا جسده مخترقًا بطلقات الرصاص، فى 6 أكتوبر 1981، وتعددت قبلها وبعدها الاختراقات. منذ بضعة أسابيع هناك من التقط صورة للضحية نيرة وهى فى المشرحة، وغيرها.
أتذكر فى مطلع الثمانينيات أن فريد شوقى هدد باستخدام مسدسه لأول مرة فى الحياة بعيدًا عن الكاميرا، عندما اكتشف أن إعلامية معروفة- زوجة أحد كبار الصحفيين- انتحلت صفة ممرضة وتمكنت من التقاط صور داخل المستشفى لرشدى أباظة وهو فى اللحظات الأخيرة يعانى من سكرات الموت، وظل فريد ممسكًا بالزناد حتى تأكد من حرق الشريط كاملًا. قالت لى الإعلامية بوسى شلبى، إنها ظلت مقيمة بالمستشفى بجوار زوجها محمود عبدالعزيز، وعندما يطرق الباب أى إنسان حتى لو كان ممرضًا أو ممرضة أو طبيبًا، تغطى بجسدها وجه محمود، تخوفًا من أن يلتقط أحدهم صورة له وهو فى مرحلة صحية حرجة، يتاجر بها على صفحات الواقع الافتراضى.
من حق الإنسان وفى كل الظروف أن يحافظ على حياته بمنأى عن تلصص الكاميرات، بينما ما يجرى هو أننا تحولنا إلى قضاة نحدد طبيعة الجريمة ومن ثم العقاب؟ هكذا أقرأ على صفحات عدد من الزملاء من يشرح معنى إخلاء السبيل، ومن يقدّر العقوبة، بعد أن انتحل (جنرالات السوشيال ميديا) فى لحظات صفة ومكانة جهابذة وجنرالات القانون.
علينا ألا نخلط الأوراق بين تفرد (منة) أمام الكاميرا وكل هذا السحر الذى تمتلكه، وبين كونها فى هذه اللحظة متهمة بجريمة يعاقب عليها القانون بالسجن، وهى التعاطى، إلا أننى وجدت أن البعض بدأ يحلل أداءها فى عدد من أعمالها الأخيرة وبينها (بطلوع الروح)، والإشادة التى حظيت بها تحولت عند البعض إلى قرينة على التعاطى، لا تسأل كيف؟ فلا يوجد فى قانون هؤلاء منطق، إنهم (جنرالات) الفقه والقانون، يلعبون فى كثير من الأحيان دور المذنب والضحية والقاضى والجلاد!!.