أحرص دائما على تلبية دعوة مهرجان (مالمو) بمملكة السويد، الذى يفتتح فعالياته مساء اليوم.
يقدم لنا الحصاد السينمائى العربى، فى عام، تستطيع أيضا أن تحدد أين نقف كعرب من العالم؟ كما أنه يلعب دورًا حيويًا فى إتاحة الفرصة لتقديم إنتاج مشترك مع الدول الأجنبية، تحوّل (مالمو) مع الزمن إلى منصة قادرة على تبنى عشرات من المشروعات، وكثيرًا ما تجد أفلامًا، بدأت الشرارة للمشروع من (مالمو).
مؤسس ورئيس المهرجان، المخرج الفلسطينى الأصل، السويدى الجنسية محمد قبلاوى، لديه دائما نظرة ترنو للمستقبل، وهكذا استطاع أن يكمل المسيرة، ووصل للدورة رقم ١٥، برغم ما شاهدناه من تعثر واجه أكثر من مهرجان عربى.
اختار المهرجان سينما (المملكة العربية السعودية)، ليقدم مع هيئة الأفلام بانوراما لعدد من الأفلام السعودية، فى أكثر من دولة إسكندنافية تشمل النرويج والدانمرك ولن تقتصر فقط على السويد. السينما فى المملكة حققت نجاحًا استثنائيًا، وفى غضون سنوات قلائل، تم تشييد نحو ٧٠٠ شاشة عرض، الخطة ستصل بها إلى ٣ آلاف العام القادم.
دائما ينكأ (مالمو) جراح الإنتاج العربى الأوروبى المشترك، وما يحيطه من ملابسات حينًا، وملاسنات حينًا.
حسم قبلاوى الموقف عندما قال إن أى صندوق للدعم يضع أهدافًا خاصة به، وإذا تقدم المخرج بمشروع (سيناريو) مجرد أن يقع عليه الاختيار، فإن هذا يعنى أن هناك حماسًا لاتجاه فكرى أو سياسى أو اجتماعى أو ثقافى تبناه السيناريو، ولن يفرض أحد على فنان تغيير قناعاته، ورغم ذلك فإن تلك الاتهامات لم تتوقف.
أكثر مخرجٍ عربى تعرض للتشكيك فى وطنيته، من جيل الكبار، هو يوسف شاهين، قدم إنتاجًا مشتركًا مع فرنسا، أتذكر أنه قبل ٣٤ عامًا، وبعد عرض فيلمه (القاهرة منورة بأهلها) فى مهرجان (كان) فى قسم (أسبوعى المخرجين)، وهو فيلم درامى تسجيلى (ديكيو دراما)، طالبوا بسحب جواز سفره المصرى، والحجة الجاهزة أنه ينشر غسلينا القذر على الملأ، وهو نفس الاتهام الذى لا يزال يلاحق الكثيرين من المخرجين مثل المخرجين مرزاق علواش من الجزائر ونبيل عيوش من المغرب، وهو ما واجه قبل سنوات المخرج المصرى عمر الزهيرى بعد فيلمه (ريش) الحائز على الجائزة الذهبية من (كان)، ومع الأسف الطعنات فى الذمة الوطنية سابقة التجهيز.
ويبقى السؤال: ما الذى من الممكن أن نعتبره مقياسًا لحسم تلك القضية؟ الدعم فى كل الدنيا مشروط برسالة على المبدع أن يتبناها، هل معنى ذلك أنه يخون المخرج بالضرورة قناعاته أو وطنه؟
الفنان من حقه أن يختار الجهة الداعمة، كما أنها أيضا تختاره، على شرط أن تتوافق معها إرادته.
الإنتاج المشترك حقيقةٌ فرضت نفسها فى العالم كله، لم تعد أغلب الأفلام التى نراها بالمهرجانات، إنتاجًا خالصًا لبلد ما، ٩٠ فى المائة مثلا من أفلام مهرجان (كان) القادم، إنتاج مشترك بين العديد من الدول.
العصمةُ كانت ولا تزال فى يد المخرج.
هذه واحدة من المناقشات التى تثار عادة فى (مالمو) ولا تزال تحتفظ حتى الآن بطزاجتها، لأنها حاضرة وبقوة فى السينما العربية!!
انتظر وليمة سينمائية حافلة وصراعًا على الأفضل بين أفلامنا العربية، والتى شهدت فى الأعوام الأخيرة أكثر من فيلم، كل منها يستحق جائزة الأفضل، أشفق على لجنة تحكيم (مالمو)، التى ستجد نفسها حائرة بين نحو ١٢ فيلمًا، حظيت أغلبها بجوائز عالمية وعربية مثلًا من مصر (رفعت عينى للسماء) ندى رياض وأيمن الأمير و(ضي) كريم الشناوى، ولبنان (أرزة) ميرا شعيب، والمغرب (الجميع يحب تودا) نبيل عيوش، والجزائر (الذرارى الحمر) لطفى عاشور، (السعودية (نورا)) توفيق زيادى، الجزائر (الصف الأول) مرزاق علواش، لبنان (مثل قصص الحب)، والسودان (سودان يا غالي) هند مدبب، ونكمل غدًا.