بقلم: طارق الشناوي
المؤكد أن المخرج كريم الشناوى لن يستطيع تبرير كيف وافق على إضافة النشيد الوطنى العظيم (اسلمى يا مصر) شعر مصطفى صادق الرافعى وتلحين صفر على للحلقة الأخيرة، وكأنه نتوء بلا معنى، لمجرد أن هناك صوتا قرر مراجعة كل الحلقات الأخيرة فى الدراما التى شغلت وجدان الناس فى رمضان، وإضافة ما يراه محفزًا بأسلوب مباشر للروح الوطنية.
(لام شمسية) منسوج بدقة من خلال الكاتبة مريم نعوم التى تقود بأستاذية ورشة (سرد)، الدراما كانت تمشى ع الأشواك، وهى تتناول تلك القضية المسكوت عنها، بينما تعودنا فى السنوات الأخيرة، أن نبتعد ومع سبق الإصرار عن التشابك مع مفردات حياتنا.
لماذا فجأة نغتال بأيدينا أجمل وأعمق وأصدق ما لدينا بحجة جاهزة (الحفاظ على سمعة مصر)؟، عندما تقدم مصر مسلسلًا به كل هذه الجرأة الفكرية والإبداعية، هذا هو تحديدًا ما يمنح سمعة الدراما المصرية العديد من النقاط الإيجابية، ليرى العالم كيف أن كل القضايا فى بلادنا متاحة بلا أى مواربة، تحت كاميرا الإبداع.
قدم فريق العمل بقيادة كريم الشناوى حلقة أخيرة عندما تنتهى تشعر بالفخر بقضائنا الشامخ ورجاله العظماء، بدون أن تجد جملة واحدة فى الحوار تتناول تقدير وتوقير القضاء، تلك هى الرسالة الوجدانية الأعمق تأثيرًا، وهكذا اختار المخرج الفنان القدير كمال أبورية لتجسيد دور القاضى رمز العدالة، اللحظات التى يسمح فيها القاضى بأن يتكلم الطفل، والأخرى التى ينوب فيها والده بالحديث عنه، أجاد كريم ومريم اختيار المواقف التى يستمع فيها الطفل إلى الاتهامات والدوافع، متى يظل فى القاعة ومتى ينبغى عليه الخروج، حتى فى تعامل القاضى مع رجال الإعلام، كان منصفًا، وبين الحين والآخر يخرجهم من القاعة، الممثلون الذين شاركوا أداء تلك المشاهد عايشوا التفاصيل، فيض الدموع التى تابعناها فى عيون أحمد السعدنى وأمينة خليل وأسيل عمران ويسرا اللوزى وصفاء الطوخى، كانت هى دموع المشاهدين، إبداع الممثل العتويل محمد شاهين فى نظراته لابنته التى يرجوها ألا تصدق ما يقال عنه، بينما عيونها تؤكد الخذلان الذى تعيشه، وهى ترى أقرب الناس إليها يواجه أسوأ اتهام يوصم الإنسان للأبد، الحضن الذى جمع بين ابنة محمد شاهين والطفل، أكد أن الابنة لن تحمل وزر أبيها.
ما الذى خرجت به من المسلسل؟ إنه حب الوطن الذى قدم لنا كل هذا السحر الفنى، هل يستقيم ذلك مع أقرب الأناشيد إلى قلبى (اسلمى يا مصر)، الذى حفر مكانة خاصة فى الوجدان قبل اكثر من ١٠٠ عاما ولا يزال.
تأخر عرض الحلقة الختامية يشير إلى أن هناك من قرر التدخل ليقدم كل شىء وفقا لرؤية مباشرة تطل على الفن بزاوية انتهى عمرها الافتراضى، وهى تقديم رسالة مباشرة لا تحتمل أى تأويل آخر. الصوت الذى بدأ يعلو بزيادة القيود على الفن وتعدد اللجان الرقابية المنتظر تفعيلها بعد العيد، صار مع الأسف له مريدوه والمبشرون به.
الرحابة فى التعاطى مع الفنون حتى الكوميديا الصارخة أراها هى فقط الحل، تذكروا أن أفلام إسماعيل ياسين التى قدمها منذ منتصف الخمسينيات عن القوات المسلحة، تقع فى إطار كوميديا (الفارس) المباشرة فى إثارة الضحك لعبت دورًا عميقًا جدا لتحفيز الشباب على التطوع للجيش المصرى، ولن تجد ولا كلمة مباشرة تهتف للوطن، ولا أغنية تتغزل فى حب الوطن.
نشيد (اسلمى يا مصر) سكن قلوبنا ونتذكره فى كل حين، إلا أنه ليس له محل من الإعراب فى (لام شمسية)، امنحوا الثقة للمبدع المصرى لتنطلق الفنون إلى عنان السماء السابعة!!.