بقلم - طارق الشناوي
كثيرا ما أستمع فى الشارع إلى هذه العبارة: (يا سلام يا أستاذ على زمن الفن الجميل)، أنزعج بعض الشىء لأن ملامحى صارت تعيد الناس إلى زمن أم كلثوم وتحية كاريوكا وفاتن حمامة وزكى رستم، بينما أنا أعيش زمن روبى ومنة وكريم ورمضان وعمرو ومنير وتامر، أغلب الناس تحاول أن ترى الزمن القديم فى لقطة (كليشيه) نصفها بالجدعنة والتضحية والإيثار، رغم أن كل الأزمنة، على رأى أم كلثوم فى رائعتها (الحب كده) مزيج (من كده وكده).
مثلا نجوم الكوميديا يعتقد البعض أنهم كانوا يمضون حياتهم ضحكا فى ضحك ونكتة وراء نكتة، بينما أقسى الضربات التى تلقاها إسماعيل ياسين جاءت من رفيق المشوار، وابن جيله، محمود شكوكو.
كان شكوكو يصف سمعة فى الحياة بالبخل، وعلى الشاشة بثقل الظل، النجمان قدما ثنائيا ناجحا منذ نهاية الثلاثينيات، وكان اسم شكوكو على (التترات) يسبق اسم إسماعيل، مع بزوغ الخمسينيات، بات إسماعيل يراهن عليه كنجم منفرد، وأصبح هو نجم الشباك الأول، وظل المتاح أمام شكوكو فقط (الدور الثانى).
كشف شكوكو للصحافة عن اسم من يكتب النكت من الباطن لإسماعيل، وأشار أيضا إلى أنه كان يتقاضى عن النكتة الواحدة مبلغا وقدره جنيه مصرى، يقصد الممثل عبدالغنى النجدى الذى لعب أدوارا صغيرة فى العديد من أفلام إسماعيل ياسين، على الجانب الآخر فإن كلا من رياض القصبجى وعبد الفتاح القصرى، رفيقى المشوار، اللذين أصيبا بالمرض فى نهاية الرحلة ظلت لديهما شكوى من إسماعيل لأنه تنكر لهما.
هل تعلم أن الصحافة فى نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات، كان (المانشيت) الرئيسى فى صفحات الفن، هو الصراع بين فاتن حمامة وسعاد حسنى، وأن الأجهزة طلبت من عبد الحليم أن يتدخل ويصدر بيانا يبث عبر الإذاعة لتهدئة الخواطر، وهو ما نفذه فعلا عبدالحليم.
أكبر (تشنيعة) نالت من محمد الموجى أن زوجته (أم أمين) تخصصت فى السحر الأسود لكى يتوقف عبدالحليم عن التعامل مع بليغ حمدى، ويعود لزوجها محمد الموجى، وحددوا مكان ورقة السحر تحت سرير عبدالحليم، وبالفعل وجدوا الورقة والتعويذة الشيطانية، هذا هو فقط الفصل الأول من الحكاية، أما الثانى فلقد تأكد عبدالحليم أن هذه خطة محبوكة و(أم أمين) بريئة تماما من كل ألوان السحر وعاد للعمل مع حليم فى (قارئة الفنجان).
كان فريد الأطرش يعتقد أن عدوه الأول ليس كما تردد عبدالحليم حافظ، لكن محمد عبدالوهاب، فريد لم يكن أبدا سعيدا بأن تضعه الصحافة الفنية فى نفس السطر مع عبدالحليم، كان يرى حليم مجرد أداة فى يد عبدالوهاب، وأن عبدالوهاب يؤجج بينهما الصراع، بل هو الذى يمنع لقاءه مع أم كلثوم، وبمجرد أن تتحمس للبروفة، يوجه إليها ضربة مباغتة، ويقنع أم كلثوم بأن ألحانه لا تصلح لصوتها، بينما فريد كان يرى أنه لو لحن لها سوف تندم على كل السنوات التى ضاعت قبل أن تغنى من ألحانه.
بين يوسف شاهين وحسين كمال صراع خفى، اشتعل منتصف الستينيات، وبدأت مراهنات على حسين كمال كمخرج سينمائى كبير، والبعض يضعه فى مقارنة مع يوسف شاهين، حتى إن حسين كمال رشح يوسف شاهين عام 68 لبطولة فيلمه (البوسطجى)، لتصبح السابقة الأولى التى يعمل فيها ممثلا مع مخرج آخر غير يوسف شاهين، أدرك وقتها شاهين المغزى واعتذر فى اللحظات الأخيرة، وتم إسناد الدور إلى شكرى سرحان، ولم تهدأ بينهما الصراعات، ولايزالون يطلبون منى أن أتحدث عن (زمن الفن الجميل جدا جدا جدا)!!.