بقلم - طارق الشناوي
استيقظ الكاتب الكبير بشير الديك من نومه على رنات (الموبايل)، الكل ينتظر التعقيب على قرار تأجيل تصوير المسلسل، كان بشير قد أنهى كتابة الحلقة الثالثة ويستعد للرابعة، اكتشف فى هذه اللحظة فقط أنه آخر من يعلم.كثيرا ما كان يتناثر فى الكواليس أن المشكلات المتعددة التى تلاحق المسلسل ستؤدى لا محالة إلى توقفه، كان بشير الديك يعلن للميديا ومع وائل الإبراشى أكثر من مرة، أنه يكتب أحمد زكى من لحم ودم، ولن يلتفت لتلك الأصوات المحبطة، ولن يتعرض لحكايات نميمة وسيحافظ على الأسرار الخاصة بصديقه، وسيعلن بعد أيام عن اسم المخرج.
بشير لم يشعر بارتياح لعنوان (الإمبراطور)، الذى كان بالتأكيد ليس له علاقة بأحمد زكى، فوقع اختياره على ما هو أسوأ (غزال شارد)، شعرت بعدها أن (فيه حاجة غلط)، ما علاقة (غزال) بـ (أحمد)؟.. الإقامة المتعددة فى الفندق لا يمكن أن تكون مبرراً لكى يُصبح غزالا أو أسدا أو نمرا، هل هذا أصلا يصلح كعنوان؟ لم تكن هذه قطعًا هى المشكلة.بشير كاتب مخضرم محترف تعاقدت معه الشركة المنتجة وتقاضى أجره، وقبل التوقيع استأذن من المرشح الأول لكتابة النص وحيد حامد.
وحيد منذ البداية، وإن كان لم يصرح مباشرة بذلك، كان موقنا أن المسلسل مستحيل أن يرى النور، بينما بشير على الجانب الآخر كان موقنا أنه سيعرضه.. 40 عامًا عُمر بشير فى الحياة الفنية، وهو واحد من أمهر كُتاب السيناريو الذين عرفتهم مصر، ورغم ذلك، تلقى طعنة من العيار الثقيل.
المعلن هو أن الورثة احتجوا، لا أتصورها حكاية من الممكن أن يصدقها أحد، الورثة دائما ما يعترضون، بل يقيمون دعاوى قضائية.. ورغم ذلك تُعرض المسلسلات.. غضب الورثة لم يؤدِ يوما إلى توقف أى عمل فنى، راجعوا ورثة عبدالحليم وليلى مراد وسعاد حسنى والشيخ الشعراوى ونزار قبانى وأسمهان، بل صباح وكانت على قيد الحياة وقت عرض مسلسل (الشحرورة) طالبت بإيقافه. ولم يستجب أحد.
المشروعات الدرامية فى مصر تتحرك وفقا لرغبات النجوم، والدليل أن أكثر من عمل درامى أُعد لتناول حياة شخصيات عامة، إلا أنها متعثرة إنتاجيا لأن أبطالها لا يملكون قدرة تسويقية، مثل مسلسل حياة د.مصطفى محمود، رُشح له فى البداية أحمد آدم وسجل بالفعل (كليب) يقلد فيه د. مصطفى محمود،ثم انتقلوا بعدها إلى خالد النبوى وسجل أيضا (كليب)، فلم يلتفت أحد. سوق الفضائيات لم تعد ترحب بمسلسلات السير الذاتية، وصلنا إلى مرحلة التشبع، بينما مع محمد رمضان وجدوا تسويقا لأنهم سيبيعون باسم رمضان، وتبقى حكايات أحمد زكى، وما هو المسموح، وما حجم الخيال الذى من الممكن أن يتقبله الناس، هل يتغافلون عن المأساة التى عاشها أحمد زكى أثناء عرض مسرحية (مدرسة المشاغبين)، كانت لديه قطعا معاناة مادية، أجره لا يتجاوز 50 قرشا يوميا، بينما زملاؤه فى الكواليس يتنمرون عليه، التأجيل ليس هو القرار الحقيقى، ولكن سيغلق تماما ملف هذا المشروع، وليس هناك إشعار آخر!!.