البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

 العرب اليوم -

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن

بقلم : طارق الشناوي

الفكرة ثابتة، وتتعدد داخلها المعالجات وزوايا الرؤية، من القوالب الشهيرة فى الدراما أن تضع أبطالك داخل سجن اسمه الزمن، أمامهم فقط ٢٤ ساعة لإنجاز هدف محدد.

الأفكار على قارعة الطريق، ليست حكرًا على أحد، ولا يملك براءة اختراعها أحد، وتسمح بعشرات من الإطلالات والقراءات المتعددة.

يصبح فيها المتلقى جزءًا من الحكاية، فهو يطل فى ساعته كل دقيقة مثل الأبطال تحسبًا من نفاد الوقت المتاح، التوحد أحد أهم الأسلحة التى تضمن بقاء المشاهد على مقعده، خاصة فى هذا الزمن الذى صار يسمح للمشاهد بأن يصطحب معه جهاز المحمول داخل دار العرض، والذى يعنى أنك إذا لم تندمج مع الشريط المعروض أمامك، فسوف تندمج أكثر مع الموبايل القابع فى يدك.

فى مثل هذه الأجواء تصبح الفرصة مهيأة للكاتب الدرامى لكى يقدم أنماطا مختلفة للمجتمع، تتوافق فى تلك الحالة مع (سينما الطريق) التى تتيح لصانع العمل الفنى تعدد الشخصيات والأماكن التى يلتقيها، وكلما اتسعت حرية الفنان فى الاختيار، وعلى عكس ما يعتقد البعض، يصبح الأمر أصعب وأضيق فى الاختيار، ومن خلال السيارة (الفولكس) القديمة التى يستقلها أحمد خالد صالح، العريس المنتظر للبطلة، ياسمين رئيس، ومع عدد من سيارات (الميكروباص) ننتقل من مكان إلى آخر ومن حالة إلى أخرى.

المخرجة جيلان عوف هى أيضًا الكاتبة، وتلك تجربتها الأولى، اختارت الأصعب، وكأنها تتحدى لأنها مؤكد أنها تدرك أن كل تفصيلة يجب أن تُدرس بعناية.

من بين الأفلام التى تداعت أمامى وكانت تحت مظلة هذا القالب ٢٤ ساعة فقط (ليلة ساخنة)، لعاطف الطيب، أخرجه قبل ٣٠ عامًا، وأعتبره ترنيمة «عاطف» الأخيرة.

(ليلة ساخنة) شارك فى كتابته د. رفيق الصبان وبشير الديك ومحمد أشرف، وتميز بالسحر والجرأة والقدرة على الاختزال، وقبل ذلك بالانسيابية فى كتابة السيناريو.

«جيلان» افتقدت فى تتابع السيناريو قدرًا من تلك الانسيابية. اختارت فستان الزفاف الأبيض، الذى تترقب الحصول عليه ليلة الفرح، وتكتشف أن خطأ ما وضعها أمام تحدى كيفية العثور على بديل.

البطلتان ياسمين رئيس وأسماء جلال متوازيتان على الشاشة، «أسماء» صديقة البطلة، ولكن راعى السيناريو أنها حققت قفزات جماهيرية فى العام الأخير، وصار لها حضورها، وأظن- وليس كل الظن إثمًا- أن هناك تعديلات أُجريت على السيناريو حتى يتحقق هذا التوازى الدرامى.

وأنت تشاهد الشريط تدرك أن هناك قيودًا ربما لم تفرضها الرقابة مباشرة، ولكن هناك قدر من الحساسية الزائدة فى تناول تلك الطبقات الشعبية، وأعتقد أن مَن يكتب حاليًا سيناريو صار بداخله رقيب يقول له ينبغى ألا يسيطر الجانب الشرير على الشاشة حتى لا تنشط غدة المنع لدى الرقيب تحسبًا من المساءلة بتلك العبارة الفجة (الإساءة إلى سمعة مصر). هناك أيضًا مسحة ميلودرامية مباشرة. تنتقل الشخصيات فى لحظات من النقيض إلى النقيض، ونراها وقد صارت متسامحة ومعطاءة من أجل أن يظل هناك جانب مضىء، كما أن النهاية السعيدة فرضت نفسها من البداية على المخرجة. أصبح هدفها أن تقدم كل الخيوط الدرامية الممكنة وغير الممكنة لكى تصل إلى تلك النهاية (زغرودة الفرح).

الفكرة التى تتعدد فيها الشخصيات كانت بحاجة إلى عمق أكثر فى الكتابة لنعرف أكثر مَن هؤلاء، كل الشخصيات، بمَن فيهم الأبطال الثلاثة، كان ينبغى أن نتعرف عليهم أكثر.

الزوج القادم أحمد خالد صالح مَن هو وما حقيقة مشاعره؟، وابنة الخالة، أسماء جلال، التى تجاوزت على الورق بعدد من المشاهد. مرحلة صديقة البطلة أيضًا لم نعرفها؟.

كان من الممكن دمج بعض الأجواء الشعبية داخل محل الكوافير، والانطلاق بعدها إلى عوالم أخرى متعددة، استوقفتنى شخصية مساعدة الملابس، التى يبدو لى أنها أول مرة تقف أمام الكاميرا، وتتحدث بتلقائية وصدق عن جزء من مشوارها. ترسم أيضًا ملامح للسيدة التى تعانى الفقر والعوز، ولكنها تمنح كل ما تملك أو حتى لا تملك لمَن تشعر باحتياجه، وهكذا منحت الفستان مجانًا للعروس، ومنحتها العروس إسورة الزواج من معصمها.

أنت تشاهد قطعًا جزءًا من المجتمع يحاول الفيلم أن يقتطعه من المشهد العام بقدر من الرحابة ليقدم بانوراما عما يجرى، حتى المعاناة التى تعيشها المرأة من نظرات وتهكمات المجتمع الذكورى تضعها فى السياق. السيناريو يقدم مقاطع من أشهر مقتطفات الوسائط الاجتماعية من خلال شخصية أسماء جلال، الشخصية الدرامية الأكثر جرأة وانطلاقًا، وهذا يمنح الشريط مسحة عصرية.

النساء فى الفيلم أغلبهن محجبات، هذا هو حال الشارع المصرى. من اللقطات المؤثرة عندما شاهدت البطلة ليلًا داخل محل فستان الزفاف فى (فاترينة) محاطًا بأبواب وأقفال حاولت تحطيمها.

المخرجة كانت بحاجة إلى إعادة صياغة الحوار فى عدد من مقاطع السيناريو لأنه ينطق بمفردات الكاتبة، متجاوزة ملامح وتكوين الشخصيات اجتماعيًّا ونفسيًّا.

هل نحن بصدد مخرجة موهوبة؟. إجابتى هى نعم، وقادرة- وهذا هو الأهم- على التطور، وتملك أدواتها فى تحليل المشهد العام للمجتمع. تلتقط ببساطة مفردات العصر، مما يمنح الفيلم طزاجة الزمن.

سقف الرقابة الحالية وقف حائلًا أمام طموحها فى التعبير عن كل ما هو مسكوت عنه، واكتفت بسياسة ما لا يُدرك كله لا يُترك كله. الكثير من الأفكار السينمائية حاليًا صارت تُغتال فى المهد، وعادة ينفد صبر المبدعين. لا يملك السينمائى الطاقة ولا الإمكانيات التى تُمكنه من الصمود أكثر والدخول فى مجادلات عادة لا تسفر سوى عن الخضوع فى نهاية الأمر لسطوة الرقيب.

استعانت جيلان عوف بعناصر شابة فى التنفيذ، عمر أبودومة التصوير، سارة عبدالله المونتاج، مع فنان الموسيقى التصويرية المخضرم خالد حماد.

ما الذى ينقص التجربة حتى تكتمل؟. تأمل أكثر للشخصيات، وحوار يملك ظلالًا يرسل ومضات، ولا يقول كلمات. ننتظر منها القدرة على قيادة بعض الممثلين الذين يقفون لأول مرة أمام الكاميرا.

(الفستان الأبيض) فى الحد الأدنى فيلم به حالة سينمائية، فى زمن عزّت فيه السينما!.

arabstoday

GMT 05:02 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 04:56 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 04:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 04:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موسم النزول إلى الوحل

GMT 04:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل مسلحة عراقية تعلن استهداف 6 مواقع حيوية داخل إسرائيل
 العرب اليوم - فصائل مسلحة عراقية تعلن استهداف 6 مواقع حيوية داخل إسرائيل

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه
 العرب اليوم - عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab