وما الدنيا إلا «فار» كبير

وما الدنيا إلا «فار» كبير!!

وما الدنيا إلا «فار» كبير!!

 العرب اليوم -

وما الدنيا إلا «فار» كبير

بقلم: طارق الشناوي

قالها يوسف بك وهبى، بعد أن استعارها، وبدون استئذان ولا إحم ولا دستور، من وليم شكسبير: (وما الدنيا إلا مسرح كبير)، صارت الآن (وما الدنيا إلا (فار) كبير)، أرجوك لا تضع همزة على الألف، أقصد (فار) وليس (فأرًا)، وهى اختصارًا (VAR)، تعنى التحكيم بمساعدة الفيديو، التقنية الحديثة المستخدمة حاليًا فى عدد كبير من مباريات كرة القدم، ومن البديهى أن تنتقل إلى باقى الألعاب، بل إلى الدنيا كلها، ولا أستبعد أن نراها قريبًا فى قاعات المحاكم يستخدمها القاضى مع مساعديه للتأكد من حدوث الجريمة وبأى كيفية.

تلك التقنية بدأت على استحياء قبل ست سنوات، حتى حصلت على مشروعية (فيفا)، وتحولت إلى جزء ثابت فى مباريات الكرة، تُشعر الجميع بقدر لا يُنكر من الاطمئنان إلى قرارات الحَكَم، رغم أن بالملعب حاملين للراية، يسترشد بهما الحَكَم عادة قبل إصدار قراراته، إلا أن هناك أخطاء كثيرًا ما أدت إلى كوارث، كان يكشفها فى الماضى، وبعد فوات الأوان، العرض البطىء الذى تلجأ إليه البرامج الرياضية، وتحولت مع الزمن إلى مادة ثابتة، يتندرون خلالها على الحكام، رغم أن الحَكَم فى النهاية من حقه أن يُحيل أولا يُحيل، يأخذ أو لا يأخذ برأى (الفار).

سوف تكتشف أن هناك فريقًا مساعدًا يجلس فى غرفة مغلقة يتابعون المباراة بأكثر من كاميرا وزاوية ورؤية، وفى حالة احتساب هدف أو ركلة جزاء أو إنذار (بطاقة صفراء) أو طرد (بطاقة حمراء)، يتم عادة الرجوع إليها قبل إصدار القرار النهائى.

وإذا اختلف فريق الفيديو المساعد، يتم استدعاء الحَكَم لحسم القرار، مؤكد أن العدالة المطلقة مستحيلة، خاصة عندما يصبح السؤال مثلًا: هل لامس اللاعب الكرة داخل منطقة الـ18، عامدًا متعمدًا، فتصبح ضربة جزاء، أو أنها بالمصادفة لامست يده، فلا تُحتسب، هل ذهب اللاعب للكرة أم هى التى ذهبت إليه، الفارق كما ترى دقيق جدًّا وأكبر حتى من قدرات (الفار) لأنه يتكئ على النوايا وتحليلها، ولهذا فإن بعض القرارات لن تحسمها اللقطة لأنها تتناول منطقة غير ممسوكة أو معلنة وهى النية.

تلك التقنية هى امتداد طبيعى لما نراه من كاميرات المراقبة، فى الشوارع والهيئات والفنادق والبيوت، الحياة كلها صارت خاضعة لـ(فار) كبير يرصدنا 24 ساعة.

هل لدينا (فار) يكشف لنا أخطاءنا التى عادة ما ننكرها، مثلًا إذا حدثت، وكثيرًا ما حدثت مشادة زوجية، يُصبح السؤال: مَن البادئ، على اعتبار أنه أظلم، أنت تحت المراقبة، بدون أن تدرى أو تدرى، مثل الأغلبية، وتعمل نفسك مش واخد بالك!!.

كل شىء صار من الممكن أن نستعيده، تخيل حياتنا وهى خاضعة فى كل تفاصيلها للمراجعة، قبل أن تقول لمَن وقعت فى حبها (أحبك)، تطلب منها وقتًا مستقطعًا من أجل مراجعة رأى (الفار)، ستصبح حياتنا محسوبة بكل دقة، ولا مجال للخطأ البشرى أو سوء الفهم الذى هو الملح والفلفل للحياة.

فى تصوير البرامج والأفلام والمسلسلات تُعاد اللقطة عشرات المرات حتى نتقن الأداء بالصوت والصورة والإحساس، فهل نعيش الحياة وكأننا فى (استوديو)، أوفى غرفة معقمة بالمستشفى، فلا مجال لكى تتسلل الجراثيم والميكروبات، هل من الممكن أن نواصل الدنيا فى غُرف معزولة، حتى لو كانت جدرانها تتسع للعالم كله؟!.

الخطأ هو الذى يمنح الحياة حياة، كم مرة قلت لمَن تزداد نبضات قلبك عند رؤيتها: (أحببت عيوبك).

الحياة المعقمة ستكتشف بعد قليل أنها عقيمة، لا تستحق أن تُعاش، شىء من الأخطاء بعيدًا عن كاميرا (الفار) يصلح الدنيا!!.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وما الدنيا إلا «فار» كبير وما الدنيا إلا «فار» كبير



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
 العرب اليوم - طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab