نجيب محفوظ والقبلات

نجيب محفوظ و(القبلات)!

نجيب محفوظ و(القبلات)!

 العرب اليوم -

نجيب محفوظ والقبلات

بقلم - طارق الشناوي

فى منتصف الخمسينيات، كان الأديب الكبير نجيب محفوظ يعتلى كرسى الرقيب على المصنفات الفنية، ومنوطًا به تحديد الموقف النهائى من القضايا السياسية الشائكة، يتحرك تحت سقف الدولة، ولا يخلو الأمر من مشهد ساخن أو قبلة، الرقيب هو (ترمومتر) الحياة، انفتاحه الشخصى وقناعاته الفكرية وذوقه الخاص تلعب دورا فى توجيه البوصلة نحو الإباحة أو المنع، إلا أنه يظل تأثيره ثانويا.

دور البطولة يلعبه للمجتمع، ومدى تقبله أو استهجانه.. مثلا لم يكن نجيب محفوظ يجد حرجًا فى إعلان موافقته على القبلات بكل أنواعها، ما عدا واحدة فقط، تلك التى على العنق، خاصة لو طالت على الشاشة أكثر من ثوانٍ، سأله فى حوار صحفى أجراه جميل الباجورى: هذا عن الشاشة، ماذا عن الواقع؟، ماذا تفعل كنجيب محفوظ لو رأيت شابا وفتاة يختلسان قبلة فى الشارع؟ أجاب: (أودى وشى ع الناحية التانية، وأبتسم وأقول اوعدنا يارب).

روى لى المخرج الراحل توفيق صالح (صديق محفوظ وعضو مؤسس فى «الحرافيش») أن تعبير (السينما النظيفة) ليس وليد هذه الأيام، ولكنه موغل فى القدم، كان عددٌ ممن يمارسون النقد والصحافة فى الخمسينيات يعدون عدد الكلمات الجريئة والمشاهد الساخنة والعنيفة، ويمنحون الفيلم درجة من عشرة بناءً على التزامه بمكارم الأخلاق. وأضاف برعم صداقتى لنجيب محفوظ: إلا أنه حذف لى مشهدا من الفيلم التسجيلى (القلة)، شاهد الفيلم واستمعت إلى صوته مجلجلا بالضحك، ثم حذف المشهد!.

كان نجيب محفوظ يتدخل فى حالات محددة ونادرة بالحذف، هو نفسه أشار فى أكثر من حوار صحفى إلى فيلم (إغراء) لحسن الإمام 1957، عندما طلب كرقيب إعادة تسجيل أغنية صباح (من سحر عيونك ياه)، التى كتبها مأمون الشناوى ولحنها محمد عبدالوهاب بسبب (يااااااااه) التى طالت أكثر مما ينبغى، ووجد أديبنا الكبير أن الإطالة هنا تحمل معنى حسيا، فأعادت صباح التسجيل لتختصرها إلى (ياااه) قصيرة!!.

الغريب أن الإذاعة المصرية كثيرا ما تقدم حفلا غنائيا لصباح وقد أدت ياااااااااااه طويلة بأكثر حتى مما احتج عليه نجيب محفوظ!.

تعاطفت الجماهير مع سعاد حسنى فى (خاللى بالك من زوزو) عام 72، وهى ترقص بدلا من أمها (نعيمة ألماظية) تحية كاريوكا، بينما استهجن المجتمع موقف عمر الشريف قبلها بنحو عشر سنوات عندما شعر بنذالته بعد أن تنكّر لجثة (نفيسة) شقيقته العاهرة سناء جميل.. فى الفيلم الأول أراد حسن الإمام أن يعلى من قيمة المواجهة، فى الثانى أراد صلاح أبوسيف أن يفضح تواطؤ المجتمع.. عدد من الأغنيات فى الإذاعة المصرية تحتار الدولة بين إباحتها ومنعها، مثل أغنية عبدالحليم (أول مرة) لإسماعيل الحبروك ومنير مراد، فى مقطع (لسه شفايفى شايلة كلامك /شايلة أمارة حبك ليه) أيضا أغنية سعاد حسنى (الدنيا ربيع والجو بديع) لصلاح جاهين وكمال الطويل (بوسة ونغمض وياله/ نلقى حتى الضلمة بمبى). الأمر لم يحسم، أحيانا تقدم الأغنية كاملة، وأخرى يستخدمون الشريط بعد التهذيب.

كل ذلك بسبب القبلة التى غنت لها أم كلثوم فى فيلم (سلامة) لتوجو مزراحى (القبلة إن كانت من ملهوف/ اللى على ورد الخد يطوف/ ياخدها بدال الواحدة ألوف /ولا يسمع للناس ملام)، هل رأيتم جرأة أكثر من تلك التى كتبها بيرم التونسى ولحنها الشيخ زكريا أحمد قبل نحو 80 عاما؟!.

هل نتحدث فى الذكرى السادسة عشرة لنجيب محفوظ عن إباحته للقبلة عندما كان رقيبا، أم نتناول ما هو أبعد وأعمق؟.. لا بأس أن ننطلق من القبلة، الإبداع يتكئ إلى قيمة فى المجتمع تؤمن بالحرية ولا تحاكم الأدب أو الفن بمنظور أخلاقى، وهو ما كان يُطبقه نجيب محفوظ رقيبًا ومبدعًا.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجيب محفوظ والقبلات نجيب محفوظ والقبلات



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab