«أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة» أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك

«أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة».. أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك

«أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة».. أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك

 العرب اليوم -

«أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة» أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك

بقلم: طارق الشناوي

لن تستطيع الإذاعة الرسمية الاحتفال بأحمد عدوية، الموظف الذى كان مسؤولا قبل نحو نصف قرن، اعتبر عدوية من المحرمات وصادر أغانيه حتى لا يخدش وقار أثير الإذاعة، ولم يجرؤ أى موظف بعده على إصلاح الخطأ، ولن تجد أى محطة مصرية راسخة مثل (البرنامج العام) أو (صوت العرب) أو (الأغانى المتخصصة)، قادرة على تأبين عدوية بإذاعة أغانيه، ولو فعلها أحدهم سوف يتم التحقيق معه.

انطلاق عدوية إحدى أهم الدلالات على قوة الوجدان الشعبى، وهكذا تسلل (الكاسيت) إلى البيت المصرى والعربى، وفى عز زمن أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد وعبدالحليم صار عدوية هو العنوان الأكثر تداولا.

اسمه فى الرقم القومى أحمد محمد مرسى العدوى، ولقب (عدوية) صار لصيقا به، ليس مأخوذا عن (عدوى)، لكن أغنية (عدوية) لمحمد رشدى التى كان أحمد يغنيها فى أحد ملاهى شارع الهرم، لأنهم لن يستطيعوا دفع أجر محمد رشدى، وهكذا صار جمهور «الكباريه» يطالبه بغناء (عدوية) وتحولت إلى اسم شهرة لا يفارقه.

الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى كان حاضرا فى واحدة من حفلاته، وأعجب بصوته وحضوره، وبعد انتهاء فقرته استدعاه، وسأله أن يغنى له أغنية خاصة به، بدأ عدوية فى دندنة (السح الدح أمبوه)، التقطها مأمون الشناوى بأذنه البلاتينية، وأيقن أنها ستحدث دويا، ومنحه ٢٠ جنيها، وطلب منه أن يوزعها على شركائه فى الأغنية: الكاتب الريس بيرة والملحن الشيخ رمضان والفرقة الموسيقية، وأن يأتى، صباح اليوم التالى، لتسجيلها، لحساب شركة (صوت الحب)، التى كانت قد أشرفت على الإفلاس، وفجأة صار الكل يردد (السح الدح أمبوه) وانتعشت شركة الكاسيت، بينما كانت الصحافة تفتح ضده نيران الغضب، وصارت (السح الدح أمبوه) هى العنوان الرئيسى للتردى فى أى شىء، لو هناك مثلا مشاكل فى قطاع الكهرباء، تجد العنوان (الإدارة الفاشلة تواجه مشكلاتها على طريقة السح الدح أمبوه)، النجاح الطاغى للأغنية شهد صراعا حول من يحق له ماديا وأدبيا الاستحواذ على العائد، وظل المؤلف (الريس بيرة) حتى رحيله ٢٠٠٨ يطالب جمعية المؤلفين والملحنين بمليون جنيه قيمة الأداء العلنى.

بعض المتقعرين بدأوا فى القراءة السياسية المتعسفة التى تعتبر أن ظهور عدوية هو أحد توابع نكسة ٦٧ و(السح) هى أيضا نكسة غنائية متكاملة الأركان.

وقف على الجانب الآخر تماما الكاتب الكبير نجيب محفوظ، (كلثومى الهوى)، إلا أنه أثنى على صوته وإحساسه.

البعض أيضا بدأ فى العثور على تفسير سياسى لعدد من أغانيه مثل (سلامتها أم حسن)، مؤلف الأغنية حسن أبوعتمان أكد وقتها أن (أم حسن) هى مصر، بعد هزيمة ٦٧، النكسة مجرد نزلة برد سببها العين والحسد، رغم أنه فى واقع الأمر حسن كتبها عن أمه (أم حسن) ليخفف عنها بعد إصابتها (بالدور اللى ماشى/ والدور ما نيمهاشى)!.

الكبار أيضا من أساطين الغناء مثل عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم تحمسوا لصوته، إلا أنهم لم يملكوا شجاعة نجيب محفوظ لإعلان رأيهم، بل إن بعضهم تنكر تماما لربط اسمه بأحمد عدوية. إليكم تلك الواقعة التى كنت طرفا فيها:

الحكاية هى أن «عبدالحليم حافظ» كان حاضرا فى حفل أقيم فى أحد الفنادق، وكان «عدوية» قد حقق شهرة عريضة، لمحه «عدوية» بين الحضور، وأراد مجاملته، وغنى له (خسارة خسارة، فراقك يا جارة)، وقرر عبدالحليم حافظ أن يرد على المجاملة بأحسن منها فصعد على المسرح وغنى خلف عدوية (السح الدح أمبوه)، نشرت الصورة باعتبارها صيدا ثمينا، وكتبت الواقعة وسلمتها إلى الكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة، وكان وقتها يشغل موقع سكرتير تحرير (روز اليوسف)، وبحنكة الصحفى المتمرس، منح الصورة مساحة على الغلاف، ظهرت المجلة صباح يوم الأحد بعنوان (عبدالحليم حافظ يغنى «السح الدح أمبوه»)، فوجئت بأن إذاعة (الشرق الأوسط) تقدم فى المساء حلقة من أشهر برنامج فنى وقتها (الليل والفن والسهر) تقديم محمد أنور وإبراهيم صبرى، وعبدالحليم يكذب الواقعة ويؤكد أن الصورة خضعت لفبركة صحفية، وكيف لمن يغنى (قارئة الفنجان) أن يلوث تاريخه بـ(السح الدح أمبوه)، ولم يكذبه أحد، وصمت تماما عدوية، وغالبا الدائرة القريبة منه هى التى طلبت منه ذلك، حتى لا يثير غضب عبدالحليم.

بعد نحو عام رحل عبدالحليم، وظلت واقعة غنائه (السح الدح أمبوه) لا يصدقها أحد حتى بدأ عدوية فى أكثر من حوار تليفزيونى يؤكدها.

كبار الملحنين أمثال كمال الطويل وسيد مكاوى وبليغ حمدى قدموا له ألحانهم، إلا أنه نجح أكثر مع محمد عصفور وحسن أبوالسعود وفاروق سلامة، السينما اعتبرته (تميمة) الحظ، وشارك فى أكثر من عشرين فيلما، كانت الجماهير تقطع من أجله التذكرة.

تعرض نهاية الثمانينيات لحادث مدبر بغرض الانتقام، الفاعل لم يتم التحقيق معه، وعاش عدوية بضعة أيام فى غيبوبة، أثرت على أدائه الحركى، وظل سنوات يعانى، لكنه لم يتوقف عن الغناء، وشارك عادل إمام فى حفل، مع بداية تماثل عدوية للشفاء، إلا أنه لم يعد كما كان، وأتذكر أنه شارك عام ١٩٩٤ فى حفل بمسرح (البالون) لإحياء الذكرى الأولى لبليغ حمدى، وكتبت أنه ينبغى أن ينتظر بضعة أشهر حتى يعود إلى كامل لياقته، وأقام دعوى قضائية ضدى، حاول الموسيقار كمال الطويل إثناءه عن إقامة الدعوى، وقال إنه يتحمل مسؤولية تلك الكلمات، حتى تنازل فى النهاية عدوية عن القضية قبل الجلسة بساعات.

آخر مرة شاهدت فيها عدوية قبل نحو عام فى (موسم الرياض) عندما غنى مقطعا من «زحمة يا دنيا زحمة» وهو جالس على كرسى متحرك، وكان من المهم أن يشارك فى حفل هانى شنودة الذى وضع ألحان تلك الأغنية ذائعة الصيت.

قال لى شنودة إن شركة الكاسيت لم تتحمس لتسجيل الأغنية لإحساسها أنها سوف تصدم الجماهير، بينما عدوية راهن على نجاح الأغنية، وكسب الرهان.

آخر أغنية حققت نجاحا شعبيا لعدوية، ولاتزال، «الناس الرايقة»، عام ٢٠٠٩، دويتو عدوية ورامى عياش كلمات أيمن بهجت قمر وتلحين محمد محيى، والبعض أيضا فسرها سياسيا، قالوا إنها أشارت إلى التفاوت الحاد بين الطبقات، وهو أحد أسباب الغضب التى أدت لثورة ٢٥ يناير.

كل أغنية رددها عدوية وحققت نجاحا طاغيا نعجز عن تفسيره، نبحث له عن عمق سياسى من أول (السح الدح أمبوه) حتى (الناس الرايقة)، مرورا بـ(زحمة)، حيث قالوا إنه كان ينتقد نظام مبارك فى مقطع (مولد وصاحبه غايب)، وهكذا صار عدوية عند بعض المتحذلقين صاحب موقف معارض، فى زمن ناصر والسادات ومبارك، بينما عدوية كان فقط يغنى بصدق فصدقناه، وسكن قلوبنا.

arabstoday

GMT 09:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 09:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 09:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

رمزان من القوى الناعمة فى مصر

GMT 09:35 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أغانى المهرجانات التى نتعالى عليها!!!

GMT 09:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 09:31 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 09:28 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة» أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك «أم حسن» و«زحمة» و«الناس الرايقة» أغانٍ سياسية فى زمن ناصر والسادات ومبارك



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:58 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب
 العرب اليوم - نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab