التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات

التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات!

التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات!

 العرب اليوم -

التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات

بقلم: طارق الشناوي

البعض يقرأ شعار «للسينما بيت جديد»، باعتباره مجرد عودة للمهرجان إلى حى (جدة) التاريخى حيث تنطلق أغلب فعالياته، وربما بزاوية ما يحمل المهرجان هذا المعنى، ويرى الضيوف عبق وسحر المدينة، إلا أنها تعبر فقط عن الإطار العام، الأهم والأعمق والأصدق الذى باح به هذا الشعار، أن المهرجان نجح فى أن يحقق خلال تلك السنوات الأربع حضورا لافتا دفع به ليصبح بيتا جديدا للسينما، بمعناه الأشمل، بيتا يفتح أبوابه لكل الاتجاهات، قادرا على انتزاع العيون والقلوب والعقول، مدركا أن المهرجان ليس كما يبدو فى إطاره الخارجى سجادة حمراء ونجوما لهم بريقهم من مختلف دول العالم، الأهم أن يحمل هدفا مؤثرا ويتبنى رسالة واضحة، ويسهم فى إقامة البنية التحتية للصناعة السينمائية، فى الوطن، ليصبح المهرجان منصة قادرة على إرسال ومضات للعالم كله من خلال الفعاليات الرسمية والموازية، معبرا ليس فقط عن حال السينما ولكن أيضا حال الوطن.

عندما نتابع الأفلام المشاركة بالمهرجان، بنظرة (عين الطائر) نكتشف مثلا أن للسينما السعودية نصيبا أكثر من ٢٠ فيلما تحمل اسم البلد صاحب البيت، وهو الهدف الأسمى والأعمق لإقامة المهرجان، حيث يرى الإنسان أن التعاطى مع السينما المحلية جزء من التعاطى مع السينما فى العالم، وأنه لا يتابع فقط سينما تأتيه من دول العالم، ولكنه يشارك العالم فى إرسال أفلامه عابرة حدود الجغرافيا.

من الممكن أن أرى مثلا فكرة التسامح بتنويعات متعددة تسيطر على المشهد العام للمهرجان، ومنذ فيلم الافتتاح «ضى» إخراج كريم الشناوى وكأنه يشير إلى الجمهور بأن هذا الخيط الساحر سوف تنسج من خلاله العديد من الأفلام.

لديكم مثلا الفيلم السعودى «سلمى وقمر» للمخرجة عهد كامل، التى كتبت أيضا السيناريو، الخيط الدرامى يعبر عن حكاية شخصية عايشتها المخرجة، ليست هى بالضبط حكايتها، المؤكد أن هناك مسافة بين الواقع والخيال، حذفت أشياء وأضافت أخرى، قانون الدراما ليس هو بالضبط قانون الحياة، المعنى العميق هو العلاقة بين الطفلة سلمى وسائق العائلة السودانى الجنسية قمر، مع مرور الأحداث وتلاحقها بمرحلة المراهقة وبداية الإحساس بأنوثتها تتبدل أيضا العلاقة.

كل قصص الحب التى خلدها التاريخ، وتحمل اسم مذكر ومؤنث فى الأدب العالمى مثل (روميو وجولييت) مثلا، أو الأدب العربى (قيس وليلى)، والمصرى (حسن ونعيمة)، وغيرها، تعنى علاقة حب بمعناها المباشر بين رجل وامرأة.

هذه المرة اختارت المخرجة علاقة إنسانية رائعة تقترب من علاقة ابنة بأبيها الروحى، جمعت بين سلمى الطفلة ثم المراهقة وسائقها قمر، فى لحظات ما يصبح هو بمثابة الأب وله كل حقوق الأب، وهى عليها واجبات الابنة فى تنفيذ تعليماته، هو يشعر بأنها حقا ابنته يخاف عليها، لديه ابنة أصغر منها بسنوات، يمارس من خلال سلمى مشاعر الأبوة، التى نسمعها عبر شريط الكاسيت الذى يسجله، بين الحين والآخر، لابنته وزوجته فى السودان. بينما سلمى الطفلة لم تعد طفلة، تكبر وتشعر برغبتها فى التحرر من تلك السطوة، خاصة أن علاقتها سطحية بالأب المشغول دوما عنها رغم حبه لها، والأم التى تقسو على ابنتها بحالة من الحب ينطبق قول الشاعر بشارة الخورى «ومن الحب ما قتل»، ونكتشف بعدها عند المواجهة السر الدفين الذى دفع الأم لتلك الحالة، ثم تصفو وتتصالح من ابنتها بعد أن تعقد معاهدة صلح مع نفسها.

مشهد هامس وموح قدمته عهد كامل بنعومة عندما يشغل الأب جهاز الكاسيت ويذيع رائعة عبد الوهاب «من غير ليه»، نرى من خلالها المسافة النفسية والفكرية بين جيل الأب والابنة حتى فى التذوق الفنى، ونستطيع الإمساك بالمعنى العميق بعد رحيل الأب، وسلمى تجلس فى مكتبه وتدير نفس الأغنية التى تتناول كلماتها الحياة، تنويعة على ما كتبه الشاعر إيليا أبو ماضى بقصيدته التى غناها أيضا عبدالوهاب «جئت/ لا أعلم من أين/ ولكنى أتيت».

من المشاهد التى تم استثمارها دراميا عندما يجلس قمر مع سلمى على شاطئ البحر الأحمر ويشير إلى سلمى بأنه يتمنى السباحة ليصل للشاطئ الآخر حيث تعيش ابنته وزوجته، ومع اقتراب النهاية يتجدد المشهد.

السيناريو توجه فى الثلث الأخير، لحالة ميلودرامية فى التناول مشوبة بقدر من الكوميديا عندما تذهب سلمى لحفل بينما قمر يخشى عليها مثل أى أب يحمى ابنته، وعندما يعنفها، تذكره فى تلك اللحظة بأنه مجرد سائق.

الانتقال النفسى والانقلاب الدرامى من النقيض للنقيض إحدى سمات الميلودراما، ولا بأس من استخدام هذا القالب، وكما تكبر سلمى ونراها طفلة ثم مراهقة كان ينبغى أن نرى أيضا مرور الزمن على ملامح قمر لا يكفى بعض الشعر الأبيض.

التأكيد على كبرياء السائق وحبه للابنة ولكن كرامته تسبق كل الاعتبارات الأخرى، واحدة من الرسائل الهامة، توقفت أمام أداء الممثل السودانى الموهوب إسلام مبارك لدور قمر، شاهدته لأول مرة فى الفيلم السودانى «ستموت فى العشرين» لأمجد أبو العلا، وأتصور أن الخطوة القادمة له أن تحتضنه السينما العربية، وليس مطلوبا منه أن يقدم بالضرورة دور شاب سودانى، ونكمل غدا رحلتنا مع مهرجان «البحر الأحمر»!!.

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات التعايش والتسامح الدينى والاجتماعى والعرقى يسيطر على الشاشات



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab