بقلم - طارق الشناوي
هل يتابعنا من انتقلوا للعالم الآخر؟، يسعدون ويغضبون ويعتبون، أغلبنا وأنا من حزب الأغلبية، لديه قناعة أننا نتواصل معهم بوسائل متعددة ليست فقط الأحلام، هناك شفرات تتيح لنا أن نبقى معهم على نفس الموجة ، ليس لدى أحد يقين أنهم حقا يتابعوننا، نعتقد أن الحوار بين طرفين، بينما هو من طرفنا فقط، نطرح السؤال ونتخيل الإجابة .
نظرية (السبت) المتكلم، (السبت) الذى نستخدمه فى جلب المشتريات من الشرفة، فى الستينيات وبعد نكسة 67، كانت له منافع أخرى، الأسر المصرية تجرى مع موتاها حوارا، بعد أن تضع قلم رصاص أسفل (السبت)، وتسأله فيجيب بـ لا أو نعم، مجرد شخبطة على الورق، اختفت تلك اللعبة، السؤال لم يختف، هل هم يسعدون أو يغضبون؟.
حصل الكاتب الكبير لينين الرملى وعن جدارة على جائزة النيل للإبداع، الترشيح كما يقتضى القانون حدث وهو على قيد الحياة، ولا أدرى هل كان مدركا وقتها أم لا، أتصور أن لينين لم يشعر بالسعادة، بسبب فروق التوقيت، فلقد تأخرت عنه سنوات، عدد كبير ممن حصلوا مثلا على جائزة الدولة التقديرية فى الثلاثة عقود الماضية جاءتهم إما بعد الرحيل أو وهم على فراش الموت، أمثال الملحنين العظماء محمود الشريف ومحمد الموجى وكمال الطويل، بينما بليغ حمدى لم يرشح أساسا لها .
ارتكب العديد من الحماقات فى الترشيح للجوائز، وكثيرا ما تدخلت الخواطر لمنحها لفلان مثلا لأنه مرضى عنه أو حجبها عن علان لأنه ليس كذلك، وهذا هو حالنا مع الجوائز منذ أن أقرها الرئيس جمال عبد الناصر، كما أن موظفى وزارة الثقافة لديهم نسبة كبيرة ترجح فى العادة بعض الترشيحات، ولا يعنى ذلك أن الدولة فى كل مرة لديها رغبة فى المنح أو المنع، تظل ورقة من الممكن استخدامها عند الضرورة.
لا يخلو قطعا الأمر من اتصالات شخصية تتم بالعشم والخواطر والصداقة، كما أن هناك من يستغل مكانته الوظيفية أو النقابية فى توجيه الجائزة إليه .
أتذكر أن نقيب الموسيقيين ولم يكن لديه تاريخ فنى يعتد به، رشح نفسه للجائزة فى مطلع الألفية الثالثة، لأن النقابة من بين الجهات التى يحق لها الترشيح، وكان الموسيقار كمال الطويل على قيد الحياة، تواصلت مع د. فوزى فهمى رئيس أكاديمية الفنون فى تلك السنوات، طلب منى أن أرسل له بالفاكس- فلم نكن قد دخلنا بعد عصر الكومبيوتر- إنجازات الطويل، ورشحته الأكاديمية، وصلت الجائزة للطويل فى أيامه الأخيرة، ولا أتصوره قد سعد بها.
تلك هى القضية، الأيام الأخيرة، سواء فى الترشح للجائزة أو الحصول عليها ، وهو ما يفرض على وزارة الثقافة أن تشكل لجنة موسعة للإجابة عن هذا السؤال، من هم الذين على قيد الحياة وتخطتهم حتى الآن جوائز الدولة بمختلف فروعها؟ .
الذاكرة أحيانا تسقط أسماء ربما بحسن نية، ولهذا يجب أن يتم الدفع بهم مجددا للمقدمة، السنوات تمر أسرع من قدرتنا على ملاحقتها، ويبقى السؤال هل يتابعنا الآن لينين الرملى، أم أنها ولا تفرق معه؟