بقلم - طارق الشناوي
قبل أكثر من عام سألونى: من ترشحه لأداء دور خالد بن الوليد؟ أجبت: ياسر جلال هو الأقرب للصورة الذهنية جسديا وعاطفيا لـ(سيف الله المسلول)، بعد أسابيع تردد اسم عمرو يوسف ووجدت فى الاختيار شيئا من المنطق، ثم توقف المشروع، إثر خلافات حادة فى الرؤية بين المخرج رؤوف عبدالعزيز وبطل المسلسل، وتعطلت لغة الكلام، حيث كان يجرى تصوير أحداث المسلسل فى المملكة الأردنية.
هذه الأيام تم الاتفاق مع ياسر جلال، وبعيدا عن الجدل المثار على (السوشيال ميديا) منذ أن تردد اسم خالد بن الوليد عن جدوى تقديم حياته الآن، تلك الشخصية بطبعها جاذبة للدراما، قدمها حسين صدقى فى فيلم نهاية الخمسينيات، ثم بات الأزهر يتشدد فى السماح بتجسيدها، وخفتت حدة الرفض قبل نحو 14 عاما وسمح بعرض مسلسل تليفزيونى يتناول حياته، بطولة السورى باسم ياخور وإخراج الأردنى محمد عزيزية، وحقق المسلسل بجزأيه نجاحا ضخما.
أشارت جريدة (اليوم السابع) إلى أن عمرو يوسف هنأ ياسر جلال على قبوله الدور متمنيًا له النجاح.
لم نتعود على تلك الروح المتسامحة. أغلب المشكلات بين الكبار تدخل فى هذا النوع من الصراع، مثلا أغنية (سهران لوحدى) كتبها أحمد رامى لمحمد عبدالوهاب ليغنيها عام 1950، أم كلثوم قرأت الكلمات أعجبتها، فقررت أن تأخذها من رامى ليلحنها رياض السنباطى، واستسلم رامى لأم كلثوم مضحيًا بصداقته التاريخية لعبدالوهاب، ولم يصطلحا إلا على صوت أم كلثوم بأغنية (أنت الحب) 1965 التى شهدت أول وآخر لقاء بين العمالقة الثلاثة.
أشهر صراع درامى فى هذا الإطار امتد لسنوات بين عادل إمام ومحمود عبدالعزيز. كانت الأمور فى نهاية الثمانينيات تبدو مهيأة تمامًا لكى يلعب عادل إمام بطولة مسلسل (رأفت الهجان) لنفس الفريق الذى جمعه مع الكاتب صالح مرسى والمخرج يحيى العلمى بعد تألقهم فى (الدموع فى عيون وقحة)، قدموا حياة الجاسوس المصرى أحمد الهوان الشهير دراميا بـ(جمعة الشوان). الخلاف تطرق لجانب تقنى فى الصياغة الدرامية بسبب (الفلاش باك) الذى تبدأ به أحداث (رأفت الهجان)، واعترض عادل إمام وطلب التغيير بينما رفض صالح، ووقف المخرج يحيى العلمى على الحياد، وتصور عادل أن الأمر سينتهى لصالحه، وستتم التضحية بصالح وترشيح كاتب آخر، تمسكت الأجهزة السيادية المسؤولة عن المشروع ببقاء صالح، وتم الاتفاق مع محمود عبدالعزيز، وتابعنا تراشقات صحفية بين النجمين الكبيرين وصلت لحدود الخلاف الشخصى، وبعد 20 عاما تدخل الإعلامى والكاتب الكبير عماد الدين أديب للصلح ليجمعهما فى (حسن ومرقص) 2008. والغريب أن عمرو أديب قبل بداية تصوير الفيلم استضاف محمود الذى كان يستعد لدور (حسن) فى برنامجه على قناة (الأوربت) ليستعيد محمود صفحات من الخلاف القديم، ويغضب عادل، ويتوقف المشروع ويسند دور (حسن) إلى عمر الشريف.
ولم يتبدد الخلاف بين النجمين الكبيرين إلا فى اللحظات الأخيرة من حياة محمود عبدالعزيز بمكالمة من عادل إمام. هذا الجيل يبدو أكثر مرونة وواقعية من الكبار.