بقلم -طارق الشناوي
هل يغفر الجمهور أخطاء نجومه المحبوبين؟ التجربة العملية تؤكد ذلك، أغلب النجوم لديهم عثرات يصل بعضها إلى تخوم الخطايا، ورغم ذلك أكملوا طريق الصعود.
عبر التاريخ يظل هناك هامش من التسامح، من حق النجم أن يخذل جمهوره مرة أو حتى عدة مرات، في أغنية أو فيلم أو موقف سياسي أو اجتماعي، هذا الهامش أشبه بوديعة البنك، تمنحك الحق في السحب على ألا تتجاوز قيمتها الرقمية، وعليك التوقف قبل أن ينفد رصيدك.
لديكم مثلاً محمد رمضان؛ تعددت معاركه، وآخرها الدكتوراه الفخرية المزعومة، الكل تبرأ منها، حتى من منحوه إياها تراجعوا، وسحبوها، كل الجهات الرسمية وغير الرسمية تنكرت وأنكرت.
المركز الثقافي اللبناني الذي أضاف إلى عنوانه صفة «الألماني»، عندما اكتشف أنه سيخسر مصداقيته، ضحى برمضان وأصدر بياناً قال فيه: «سامحونا لم نكن نعرف حقيقته»، رغم أننا في هذا الزمن، وكما يقولون في لبنان بـ«كبسة زر» على أي موقع تعرف كل الحكايات والمواقف، لمن ترشحه للتكريم.
هل تأثرت شعبية رمضان بالسلب وتبخرت جماهيريته؟ ليست هذه هي معركته الأولى، ولن تصبح الأخيرة، كثيراً ما ينتقل من موقعة إلى أخرى، ويعتقد البعض أنها النهاية، إلا أنه يعاود الظهور مجدداً، مكرراً أحياناً نفس الأخطاء، والناس تسامحه.
شاهدنا قبل نحو ثماني سنوات، نجماً شهيراً آخر يقسم أمام كل أجهزة الإعلام منتقلاً من فضائية إلى أخرى ومؤكداً أن الطفلين التوأمين ليسا ابنيه، بعد ذلك ثبت «جينياً» أنهما ابناه، وهو حالياً في معركة أخرى، مع أمهما النجمة من أجل تخفيض أقساط المدرسة الأجنبية التي التحقا بها. نجومية هذا الفنان هل تراجعت؟ على العكس تكتشف أنه في السنوات الأخيرة زاد الإقبال الجماهيري على أفلامه ومسلسلاته ومسرحياته.
المطرب والملحن الذي أضر طحال زوجته الفنانة، وكاد في إحدى المشاحنات يقضي على حياتها، لا يزال موجوداً في الحياة الفنية، يغني للحب والتضحية والإيثار، والناس تصدقه وتردد أغانيه، ومؤخراً أعلن أيضاً زواجه، ورددت له الجماهير أغنيته الأخيرة على أحدث عروس. المطرب المغربي الذي لاحقته ولا تزال في الداخل والخارج العديد من قضايا الاغتصاب، بينما حفلاته يلاحقها أعلى مردود تجاري على الساحة العربية.
النجم الذي تتعدد مرات رسوبه الجماهيري في أعمال فنية تظل أمامه معضلة، وهي استعادة الثقة مجدداً، ولديكم مثلاً محمد هنيدي؛ أفلامه قبل «الإنس والنمس» تراجع فيها تماماً عن صدارة شباك التذاكر، وبات ترتيبه الأخير، إلا أنه في «الإنس والنمس» استطاع أن يعاود الصعود متخطياً بالأرقام كل المنافسين، متكئاً على الشريط السينمائي الجذاب الذي قدمه له المخرج شريف عرفة. ألقى إليه (عرفة) بطوق النجاة، لأنه إذا عاود السقوط، لن ينقذه ولا عشرة أطواق نجاة.
كيف كان الجمهور يتعامل في الماضي مع نجومه؟ يحتفظ الأرشيف بالحفل الأخير الذي غنى فيه عبد الحليم حافظ «قارئة الفنجان» 1976. اعتقد حليم أن هناك مؤامرة ضده حاكتها مطربة وزوجها الملحن، لإسقاط القصيدة ليلة مولدها، فانفلتت منه أفعال وأقوال ضد الجمهور. كان حليم يعاني من أعراض مرض تليف الكبد الذي أفقده التحكم في انفعالاته، إلا أنه بعدها اعتذر، وأكمل القصيدة وحظي بأكبر قسط من التصفيق.
الفنان الذكي هو الذي يجيد الحفاظ على رصيده، ولا يسمح أبداً بأن ينفد!!