أم كلثوم وعبدالوهاب حب تأجج فوق لهيب الغيرة

أم كلثوم وعبدالوهاب.. حب تأجج فوق لهيب الغيرة!

أم كلثوم وعبدالوهاب.. حب تأجج فوق لهيب الغيرة!

 العرب اليوم -

أم كلثوم وعبدالوهاب حب تأجج فوق لهيب الغيرة

بقلم - طارق الشناوي

 

طوال التاريخ ستكتشف أن الحياة حتى تتقدم يجب أن يشتعل الصراع بين قطبين، وينطبق عليها الشطر الأول من قانون (إسحاق نيوتن) عالم الطبيعة فهما متساويان فى القوة، متناقضان فى الاتجاه، كل منهما يعتقد جازما أن الطريق لتواجده، يبدأ فى اللحظة التى يزيح فيها الآخر عن طريقه.

لديكم مثلا فى الشعر القديم جرير والفرزدق وفى الحديث شوقى وحافظ، وفى مجال العامية أحمد رامى وبيرم التونسى، وفى المسرح الكوميدى نجيب الريحانى وعلى الكسار، حتى فى النضال الوطنى، كان سعد باشا زغلول دائم التقليل والاستهانة بأفكار مصطفى باشا كامل والعكس أيضا صحيح، وعالميا ستجد تنويعات مماثلة مثل طاغور وغاندى، برغم أن كلا منهما كان يحترم الآخر، إلا أنهما تناقضا فى وسائل تحقيق الأهداف الوطنية، طالت المقدمة أكثر مما ينبغى، وربما أيضا أكثر مما تحتملوا، ولكن كان ينبغى أن أذكر لكم أن الصراع وارد جدا بل وحتمى، فما بالكم لو كان بين قمتين فى الغناء.

معادلة أم كلثوم الفنية ترى فيها عبدالوهاب، ومعادلة عبدالوهاب لا تخلو من أم كلثوم، دائماً تسأل أم كلثوم كم تقاضى عبدالوهاب؟ وهو سؤال من المؤكد ردده عبد الوهاب قبلها، تصر أم كلثوم أن تتقاضى أجراً أكبر، بينما عبدالوهاب يسعى لكى يصل إلى نفس الرقم. إنهما الخصمان اللدودان ابنا نفس المرحلة، الفارق الزمنى يصل إلى ثلاثة أعوام، كل منهما لديه جواز سفر لا يوثق حقيقة العمر، عبدالوهاب مواليد 1910 فى آخر جواز سفر له، بينما أم كلثوم طبقا لجواز السفر المعتمد، اختصرت عشر سنوات، فهى مواليد 1898، وعبد الوهاب اختصر فقط تسع سنوات، مواليد 1901، الاثنان أبناء مشايخ، كل منهما تربى على قراءة وحفظ القرآن الكريم والتواشيح الدينية، عبدالوهاب ابن حى (سيدى الشعرانى)، أم كلثوم ابنة قرية (طماى الزهايرة)، كل منهما حياته الموسيقى والغناء، الفارق أن عبدالوهاب كان يتلقى يوميا علقة ساخنة من شقيقه الكبير حسن عبدالوهاب، عقابا له على هروبه من الكُتاب، حيث كانت العائلة تعده لكى يصبح قارئا للقرآن، بينما كان هو منجذبا للغناء وإحياء الأفراح لقاء قروش قليلة، على الجانب الآخر، كانت أم كلثوم تتلقى من والدها طبق مهلبية ثمنا لإجادتها الغناء فى الأفراح، وكان يشجعها على الإجادة ويصحح لها لو ابتعدت عن صحيح الأداء، كل منهما ألقى القدر فى طريقه فنانا كبيرا يضىء له الطريق، عبدالوهاب منحه القدر أحمد شوقى، وأم كلثوم الشيخ أبوالعلا محمد.

كل منهما دفع ثمن الوصول للقمة، ودفع ثمنا أكبر للحفاظ عليها، كان ينبغى للقطبين أن يلتقيا، عبدالوهاب وافق على مشروع الفيلم المشترك والذى اشترطت فيه أم كلثوم أن تسبقه على (التترات) وهو فقط طالب بالتساوى، كانت فكرة رجل الاقتصاد العظيم طلعت حرب من خلال (استوديو مصر)، أن يجمعهما معاً فى حكاية على غرار (ألمظ وعبده الحامولى) وهى نفس القصة التى قدمتها وردة وعادل مأمون فى الفيلم الذى أخرجه حلمى رفلة مطلع الستينيات، اشترط عبدالوهاب أن ينفرد بتلحين كل أغنيات الفيلم، ولهذا ضحى بأن يأتى اسمه تالياً لأم كلثوم، إلا أنه رفض أن يشاركه فى التلحين الثلاثة الكبار الذين لا تستغنى عنهم أم كلثوم وهم العمالقة زكريا أحمد ومحمد القصبجى ورياض السنباطى، الاتفاق المبدئى أن يلحن عبدالوهاب (دويتو) ليشارك أم كلثوم الغناء، ورحبت أم كلثوم، وكان هذا هو الحدث التاريخى الذى حرمنا منه، أم كلثوم موقنة أن الثلاثة الكبار زكريا والسنباطى والقصبجى سوف يقدمون لها أفضل ما عندهم للتفوق فى الأغانى الفردية على عبدالوهاب، بينما عبدالوهاب على الجانب الآخر اعتبرها إهانة له أن يشاركه أحد فى التلحين، رغم أنه فعلها بعد ذلك أكثر من مرة ومنها ويا للعجب فى فيلم (ألمظ وعبده الحامولى)، حيث لحن عبدالوهاب لوردة فقط (اسأل دموع عنيه) بينما فى الفيلم أغنيات أخرى تلحين فريد الأطرش وبليغ حمدى وكمال الطويل ومحمد الموجى، هل كان عبدالوهاب يخشى أن تهزمه أم كلثوم فى هذه المعركة المصيرية بفضل عباقرة الموسيقى الشرقية الثلاثة؟ على الجانب الآخر كانت أم كلثوم لديها قناعة بأن عبدالوهاب لن يمنحها أفضل ما عنده، سوف يقدم لها قطعا لحنا جميلا بينما سيحتفظ لصوته بالأجمل، الجملة الموسيقية الأكثر ألقاً سيمنحها لعبدالوهاب، وهو توجس أراه مبالغا فيه من أم كلثوم.

لم يتعامل عبد الوهاب مع هذا الأمر ببساطة، بل قرر بعد توقف مشروعه السينمائى مع أم كلثوم أن يغنى مع منافستها الأولى أسمهان (دويتو) شهير (مجنون ليلى) إنها بالطبع ضربة (وهابية) وأن يصور أيضا سينمائيا، لأن الصوت الذى كان يشكل خطورة على أم كلثوم هو فقط صوت أسمهان التى رحلت عام 1944، وربما لو امتد بها العمر لقدم معها فيلما سينمائيا غنائيا كاملا نكاية فى أم كلثوم، خاصة أنه قدم من قبل أفلاما مع العديد من المطربات مثل ليلى مراد ورجاء عبده ونجاة على!! لقاء أم كلثوم وعبدالوهاب عام 1964 مع (إنت عمرى) جاء بعد اعتزال عبدالوهاب الغناء فى الحفلات، لم يعد منافساً لأم كلثوم على خشبة المسرح، عبد الوهاب بالمناسبة كان يستعد لتسجيل أغنية (إنت عمرى) التى كتبها أحمد شفيق كامل بصوته، ولكن بعد طلب أم كلثوم لتقديم أغنية من تلحينه، لم يجد سوى (إنت عمرى) وكان لديه أمل أن يسجلها أيضاً بصوته، لتبدأ المقارنة بين الصوتين، وعلى الفور أجهضت أم كلثوم المشروع، ورفضت أن يسجل (إنت عمرى)، وهددته إذا أقدم على تلك الخطوة سوف تمتنع تماماً عن غنائها فى حفلات أو طبعها على أسطوانة، وكان هذا يعنى بالنسبة لعبد الوهاب أن يخسر 12% هى قيمة الإيرادات التى يحصل عليها من كل أسطوانة يتم بيعها، (إنت عمرى) حققت بعد ذلك أعلى إيراد لعبدالوهاب عن أى لحن حتى تلك التى غناها بصوته، عبدالوهاب وأم كلثوم عنوان الحب الذى يتوهج على نيران المنافسة!!

وأسفر عن عشر أغنيات لا تزال تتردد وآخرها (ليلة حب) أيضا من تأليف، أحمد شفيق كامل.

ويبقى لقاء خاص تم فى منتصف الأربعينيات كان أطرافه أحمد رامى وكامل الشناوى وتوفيق الحكيم والفاتنة كاميليا، داعبت أم كلثوم كامل الشناوى قائلة ماذا تكتب عن كاميليا؟، وارتجل قصيدة (إن بعض الجمال يذهب قلبى عن ضلوعى / فكيف كل الجمال)، ولحنها عبدالوهاب وغنتها أم كلثوم، إلا أنه ومع الأسف، لم يتم تسجيلها.

ويبقى السؤال عن حقيقة تدخل الرئيس جمال عبدالناصر فى تنفيذ اللقاء بين أم كلثوم وعبدالوهاب.

المهندس محمد الدسوقى ابن شقيقة أم كلثوم والمسؤول عن إدارة أعمالها قال فى آخر تسجيل له مع الإذاعى الراحل وجدى الحكيم إنها مجرد خيالات، بينما عازف الكمان الشهير أحمد الحفناوى، وكان صديقا مشتركا لأم كلثوم وعبدالوهاب قال إن أم كلثوم طلبت منه أن يذهب إلى عبدالوهاب لجس النبض، وقال له عبدالوهاب يا ريت، وأمسك التليفون واتصل بالست، يعلن لها عن ترحيبه بالتلحين لها فورا، وأضاف أنه كان يلحن بالفعل (إنت عمرى) ليغنيها بصوته ولكنه لن يجد أفضل منها لترددها.

واتفقا على الموعد وبدأت الرحلة بينهما التى أطلق عليها الكاتب الكبير جليل البندارى (لقاء السحاب)، وهكذا اجتمع القطبان اللذان كانا متنافرين، ليقدما لنا أجمل الأغنيات للمكتبة العربية!! أعظم تحليل عن صوت أم كلثوم تجده فى توصيف عبدالوهاب، إنها الحالة النادرة التى تجمع بين الجمال والجلال!!.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم كلثوم وعبدالوهاب حب تأجج فوق لهيب الغيرة أم كلثوم وعبدالوهاب حب تأجج فوق لهيب الغيرة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab